الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفي السلام في صلة الأخ لأخته

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
لـي أخت تكبرني , لكني بصراحة لا أطيقها لأسلوبها من ناحية دينية و من ناحية التعامل, لـكن قطيعة الرحم كبيرة , فأنا أسلم عليها كلما رأيتها بالسلام عليكم و ترد علي بعليكم السلام، و قد تكون التحية بصباح الخير أو مساء الخير و ترد علي أو هي تبدأ فأرد عليها, علما بأن هناك موقف تصرفت فيها بتصرف مستفز لكني كظمت غيظي و أسأل الله العفو و العافية, و علاقتنا ببعض قد لا تزيد عن السلام. فهل ما أفعله مثل السلام كافي و أكون عند الله من الواصلين رحمهم؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يقطعها، وانظر الفتوى رقم: 77480 ، ولم يحدد الشرع لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فقد تحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة.

قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة؛ فمنها واجب ومنها مستحب ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وبناء عليه فانظر في الصلة حسب العرف وهل ما تفعله كاف لإذهاب الجفاء وبعث روح المودة بينكما أم لا؟ والسلام وإن كان من الصلة وهومن أدناها كما سبق لكنه لا يكتفى به دون الزيارة والإحسان ونحو ذلك مما يحصل به الأنس والمودة كالتهاني في المسرات والمواساة في المصائب ولا سيما مع اتحاد المكان ويسر التواصل.

وقد قال العيني رحمه الله: فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له : لم يسم واصلا .
وقد بينا أن ذا الرحم المسلم إن كان فاسقا، فلا يجوز قطعه لمجرد فسقه لكن يجوز هجره إذا ترتبت عليه مصلحة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 24833. ولا يلزم من ذلك المخالطة ولا سيما إن كانت مؤذية.
واعلم أن الصلة ليست مكافأة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها . أخرجه البخاري. وقد جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني