السؤال
هل فعل شيء مباح من أجل ترك الحرام يؤجر عليه المرء؟ وهل يغفر الله ما مضى سبحانه وتعالى؟ مثال: شخص يفعل العادة السرية وهو يستطيع تركها إن جاهد نفسه ولكن لضعفه يعود لهذه العادة، فلو أن هذا الشخص أراد الزواج ونوى بذلك أن يعينه الزواج على ترك هذه العادة، فهل يؤجر على ذلك؟ وهل تعتبر توبة أي يغفر الله ما مضى بسبب ذلك؟ أم لا بد من ترك الشيء مع القدرة على فعله ومجاهدة النفس في ذلك؟ كذلك لو قام بأكل بعض المأكولات أو استخدم بعض العقاقير التي تخفف الشهوة حتى لا يقع في الحرام من زنا أو عادة سرية أو نظر محرم، فهل يؤجر على فعله ذاك؟ وإن ساعده ذلك على ترك المحرمات فهل تعتبر توبة؟ أم لابد للتوبة من أن تكون مع المقدرة على فعل الشيء؟ أرجو أن يكون سؤالي واضحا وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما العادة السرية فهي محرمة ولها أضرار كثيرة كما سبق بيانه في عدة فتاوى سنحيل على بعضها في آخر الفتوى، لذلك تجب منها التوبة إلى الله تعالى بالتوقف عنها والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها، ولا شك أن الزواج من أنجع أسباب التوقف عنها والابتعاد عنها، ولذلك أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم الشباب من استطاع منهم، كما في حديث: يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
فإن تزوج بنية إعفاف نفسه وإبعادها عن الحرام أجر على ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 146609.
والظاهر أنه يؤجر أيضا إذا استعمل من المباح ما يمنعه من الوقوع في الحرام امتثالا لأمر الله تعالى باجتناب المحرمات، ولو سهل عليه اجتناب ذلك من غير مجاهدة، لأنه امتثل وتجنب الحرام وتسبب في ذلك، لكن ذلك كله لا يعتبر توبة عما مضى بل تجب التوبة كما قدمنا ولو ساعده الزواج وغيره على ترك المحرمات، مع التنبيه إلى أن من استطاع النكاح وخاف على نفسه الوقوع في المحرمات صار الزواج واجبا في حقه وليس مباحا فقط، فإن امتثل وفعل ما وجب عليه أجر أيضا على ذلك، لكن لا بد من التوبة عما مضى كما تقدم، ففي الشرح الكبير لابن قدامة: من يخاف على نفسه مواقعة المحظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه في قول عامة الفقهاء، لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
أما من عجز عن مؤن الزواج فيتعين عليه الصبر والاستعفاف والاستعانة بالصوم وشغل طاقته الفكرية والجسمية بما ينفعه في الدنيا والآخرة، وأن يبتعد عن المثيرات، فقد قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 33}.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للفائدة: 7170، 69427، 51688، 77980.
والله أعلم.