الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يؤمن من لم يحب سيد المرسلين أكثر من نفسه والناس أجمعين

السؤال

أنا يزداد بعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أقرأ سيرته، وأقول لنفسي لم فضل النبي عنا في الدنيا والآخرة في كل شيء وأحس أنني كالمظلوم، وكنت أسعى دائما إلى أن أكون الأفضل ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق. فماذا أفعل؟
السؤال الثاني: كيف أخشع في صلاتي ولا أسهو؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم هداك الله وتاب عليك أن الله تعالى حكيم عليم، يضع الأشياء في مواضعها ويوقعها في مواقعها، وهو سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته، فلم يختص محمدا صلوات الله عليه بما اختصه به من الفضل إلا لعلمه بكونه الأزكى نفسا والأطهر قلبا والأصلح لهذا المنصب الرفيع، والخليق بالمسلم أن يزداد حبه للنبي صلى الله عليه وسلم كلما قرأ سيرته لما يطالعه من عظيم بذله في سبيل ربه تعالى وشديد اجتهاده في مرضاته، فيكون ذلك باعثا له على الاقتداء والتأسي به رجاء أن يكون ممن يدخلون الجنة خلفه يوم القيامة، وأما هذا الكلام الذي كتبته فإنه شنيع جدا، وأنت إذا استمر بك هذا البلاء على خطر عظيم، فإن هذا قد يفضي بك إلى بغض النبي صلى الله عليه وسلم وحسده لما آتاه الله من فضله فتهلك في الدنيا والآخرة، ولقد حسده صلوات الله وسلامه عليه أقوام فامتنعوا عن الإيمان بما جاء به إرادة أن يؤتوا مثلما أوتي صلوات الله عليه، فرد الله عليهم بأنه لا يضع فضله إلا في موضعه وعند من يستأهله، وأن ذلك فضله وحده يؤتيه من يشاء ولا حجر عليه فيما يفعله سبحانه فإنه لا يسأل عما يفعل، قال جل اسمه: وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ. {الأنعام:124}.

قال العلامة ابن سعدي رحمه الله: وإنما ثبت أكابر المجرمين على باطلهم، وقاموا برد الحق الذي جاءت به الرسل، حسدا منهم وبغيا، فقالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} من النبوة والرسالة. وفي هذا اعتراض منهم على الله، وعجب بأنفسهم، وتكبر على الحق الذي أنزله على أيدي رسله، وتحجر على فضل الله وإحسانه. فرد الله عليهم اعتراضهم الفاسد، وأخبر أنهم لا يصلحون للخير، ولا فيهم ما يوجب أن يكونوا من عباد الله الصالحين، فضلا أن يكونوا من النبيين والمرسلين، فقال: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} فيمن علمه يصلح لها، ويقوم بأعبائها، وهو متصف بكل خلق جميل، ومتبرئ من كل خلق دنيء، أعطاه الله ما تقتضيه حكمته أصلا وتبعا، ومن لم يكن كذلك، لم يضع أفضل مواهبه، عند من لا يستأهله، ولا يزكو عنده. وفي هذه الآية، دليل على كمال حكمة الله تعالى، لأنه، وإن كان تعالى رحيما واسع الجود، كثير الإحسان، فإنه حكيم لا يضع جوده إلا عند أهله. انتهى.

فانته عن هذا الذي تضمره في نفسك وتب إلى ربك تعالى، واعلم أن إيمان العبد لا يكمل حتى يحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من حبه لولده ووالده والناس أجمعين، بل أكثر من حبه لنفسه التي بين جنبيه كما نطقت بذلك الأحاديث، وسلم لحكمة الله تعالى وأيقن أنه تعالى حكيم عليم وأن اختصاصه بالرحمة من شاء محض فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، نسأل الله أن يرزقنا محبة نبيه صلوات الله عليه وحسن التأسي به والانقياد لشرعه.

وأما ما سألت عنه من أمر الخشوع في الصلاة فقد بيناه في فتاوى كثيرة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 141043 138547 124712.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني