السؤال
الأحبة الأفاضل عندي سؤال يحيرني كثيرا وهو أن أمي كثيرة الكذب وتفقدني أعصابي عندما تبدأ بذلك، وخاصة عندما تكذب علي وعندما أنصحها تبدأ بالصراخ وتقول أنت تتهمني وتسمع كلام الناس في، وأنا أفكر في هجرها حتى تتوب من هذه المعصية، علما أنني ابنها الأكبر وعمري 23 وهي 47 وأبي توفاه الله جل وعلا، فهل هذا جائز شرعا؟ وأنا أعتقد أنه يجب التغليظ على هذا الأمر مصلحة لها أولا، وحق الله أعظم من حقها، أفيدونا يرحمكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن الكذب محرم وهو من أقبح الأخلاق، فإن كانت أمك تكذب فعليك نصحها برفق وأدب، من غير إغلاظ
أو تعنيف، فإن الوالدين ليسا كغيرهما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال ابن مفلح: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ.
وانظر الفتوى رقم: 65179.
واعلم أن حق الأم على ولدها عظيم، فلا يجوز لك هجر أمك إلا إذا تعين ذلك طريقا لإصلاحها فيجوز الهجر حينئذ بقدر الحاجة مع مداومة صلتها بوسائل أخرى كالإنفاق وغيره، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجوز الهجر للوالدين المسلمين إذا كان في مصلحة شرعية؟ فأجاب: نعم، إذا كان في هجر الوالدين مصلحة شرعية لهما فلا بأس من هجرهما، لكن لا يقتضي ذلك منع صلتهما، صلهما بما يجب عليك أن تصلهما به، كالإنفاق عليهما، في الطعام والشراب والسكن وغير ذلك.
والله أعلم.