السؤال
كنت في المسجد وكنت أبكي في الصلاة، فنظر إلي شخص فقطعت بكائي، لأنني في العادة أكره أن يراني شخص وأنا أبكي، لكنني لم أنو أن أقطع بكائي تكبرًا عن عبادة الله ـ والعياذ بالله ـ بل لأنني لا أحب أن يراني أحد وأنا أبكي، وليس لأنني لا أحب أن يراني أحد أعبد الله فأنا عبد من عباد الله الفقراء الضعفاء دائمًا وأبدًا ذليل ومنكسر أمام الله، لكن هل بقطعي للبكاء أكون بالفعل استكبرت عن عبادة الله وأكفر بهذا الفعل ـ والعياذ بالله ـ أم أن هذه وسوسة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس تركك للبكاء والحالة هذه من الاستكبار عن عبادة الله ولا ردة تخرج صاحبها عن الملة، لأن الردة هي خروج طوعا عن إسلام تقرر بنية أو بقول صريح، أولفظ يقتضيه، أوفعل يتضمنه، قال النووي في منهاج الطالبين: الردة هي قطع الإسلام بنية أو قول كفر أو فعل، سواء قاله استهزاء أو عنادا أو اعتقادا. اهـ
وقصارى ما فعلته أنك أخفيت بكاءك، وهذا لا حرج فيه، وليس هو من الردة في شيء، ولا يعدو ما تتخيله وسواسا محضا يدفع بالإعراض والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، لكنه إن كان إنما حملك على قطع البكاء خوف الرياء فهذا مما لا ينبغي، فإن حرص المسلم على إخفاء أعماله الصالحة ـ خصوصا التطوعية ـ أمر حسن ومطلوب شرعا، وهو أعون على الإخلاص بلا شك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل. رواه الخطيب في تاريخه والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة وصححه الألباني.
لكن لا يحملنك الإخلاص والتخفي بالعمل على تركه خوف الرياء، فذلك نوع من الرياء يخفى على الكثير:
فالترك مثل الفعل إن حملنا * عليه حب المدح أوخوف الثنا.
وقد قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منها. كما في شعب الإيمان.
وانظر الفتوى رقم: 30366، لمزيد الفائدة.
والله أعلم.