الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الارتباط الوثيق بين التقوى والتوفيق لطرق الخير وإلهام الرشد

السؤال

أحسن الله إليكم، سؤالي هو: كيف يكون الشخص مؤيدا من الله أي: كيف تكون اختيارات الشخص دائما صـــائبة في المواضيع دون أن يندم ويتحسر على ما فات؟ فصلاة الاستخارة تؤدي الغرض، لكن ماذا إذا كان الأمر عاجلا ويحتاج قرارا موفقا؟ وماذا عن الحائض؟ وكيف نختار الخيارات الموفقة؟ وهل يوجد دعاء أو طريقه واردة؟ وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأعظم سبيل ينال به العبد توفيق الله تعالى وتسديده وأن يلهمه رشده ويجعل اختياراته صائبة وقراراته راشدة هو تقوى الله تعالى، فقد وعد الله سبحانه من اتقاه بأن يجعل له نورا يمشي به، وبأن يجعل له فرقانا يفرق به بين الحق والباطل وبين ما يضر وما ينفع، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ {الأنفال:29}.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ والسُّدِّيُّ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وقَتَادَةُ وَمُقَاتِلُ بن حيان وغير واحد: فُرْقاناً مَخْرَجًا، زَادَ مُجَاهِدٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فُرْقاناً نَجَاةً، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: نَصْرًا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فُرْقاناً أَيْ فَصْلًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وهذا التَّفْسِيرُ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ وهو يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ زَوَاجِرِهِ وُفِّقَ لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ نَصْرِهِ وَنَجَاتِهِ وَمَخْرَجِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَسَعَادَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَكْفِيرِ ذُنُوبِهِ وَهُوَ مَحْوُهَا، وَغَفْرُهَا: سَتْرُهَا عَنِ الناس، وسببا لنيل ثواب الله الجزيل، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. انتهى.

والآيات في فضل تقوى الله تعالى وأنها سبب التوفيق للخير والوقاية من الشر كثيرة، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.

وقال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {البقرة:189}.

وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا {النحل:128}.

وقال تعالى: وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ {الجاثية:19}.

فليحرص العبد على تكميل تقوى الله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي، فإن توفيق الله وتسديده وتأييده يصحب من هذه حاله.

وأما الإتيان بدعاء الاستخارة مجردا في حق من تعذرت عليه الصلاة فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 16125.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني