الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدافعة الوساوس دليل استكمال الإيمان

السؤال

أريد منكم أن تفتوني بارك الله فيكم: في رمضان الماضي وبينما كنت أشاهد في قناة دينية برنامجا حيث ذهب مقدم البرنامج إلى بلاد غير مسلمة يعبدون حجارة أو شيئا من هذا، وبعدها في الأخير يبين عظمة الإسلام مقارنة بأولئك القوم الضلال، وبعدها أصبحت أحس بأفكار تأتيني في داخلي سواء ما تعلق منها بالله عز وجل أو بدين الله ورغم أنها أفكار تافهة ولكنها تضايقني كثيرا ولم أعرها اهتماما فزالت بعض الشيء، ولكن بدخول رمضان هذا العام اشتدت هذه الأفكار وزادت ورغم قيامي بتجاهلها لم أستطع ورغم إقناع نفسي بما ذكره القرآن لا تزال وفي بعض الأحيان أصل إلى درجة الشك في الدين ـ والعياذ بالله ـ دعوت الله كثيرا لكي يشفيني أرجو أن يستجيب لي وأنا الآن أحاول أن لا أعيرها اهتماما ولكنها مسيطرة علي أيضا، فقدت حلاوة الإيمان بسبب هذه الأفكار بحيث لو سيطرت على نفسي وعلى الأفكار أحس بداخلي وكأنني أشك في الله تعالى ـ والعياذ بالله ـ أرجو مساعدتي، أريد أن أرجع كما كنت صافي البال والنفس، وقبل أن تأتيني هذه الأفكار وبفترة ليست بطويلة كنت قد رأيت في منامي الرسول عليه الصلاة والسلام في مسجد أمام عمود المسجد تحديدا فقلت أأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم، فدهشت لتواجدي معه في نفس المسجد وإذا بالناس يجتمعون حوله ويقولون رسول الله رسول الله فلم أستطع بعدها أن أكمل حديثي معه، أرجو أن تفتوني في حالتي وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه الوساوس التي تهجم على قلب الإنسان بغير اختياره لا يؤاخذ بها، فمن فضل الله تعالى ورحمته أن تجاوز عن ذلك ما لم يعمل به أو يتكلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.

وكره العبد وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس الشيطانية، علامة على صحة الاعتقاد وقوة الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.

وراجع في ذلك الفتويين رقم: 7950، ورقم: 12300.

وقول الأخ السائل: في بعض الأحيان أصل لدرجة الشك في الدين والعياذ بالله ـ ليس بصحيح، فما يشتكي منه لا يعدو كونه وسوسة، فقد يطرأ في نفس الإنسان نوع وسوسة يظنه شكا، ولكنه ليس شكا، بل يكون في داخله مصدقا مؤمنا وعلامة ذلك كراهته لهذه الخواطر وخوفه ونفوره منها، ومجاهدته إياها ودفعها عن نفسه، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 120582.

كما سبق التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 60628، 136381.

وأما ما يتعلق برؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فراجع فيه الفتوى رقم: 22154.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني