السؤال
كنت إنسانة أحب أمي وأبي كثيرا، وعندما تأخر زواجي وأصبحت أواجه ضغوطات كثيرة ونظرات من الناس تؤلمني تغيرت علاقتي بهما وأصبحت كثيرا أنا وأمي نتخاصم وأنا السبب وأصبحت عبادتي ضعيفة وخشوعي في الصلاة قليل، ولا أقصد ذلك ولكن الإنسان بشر وهذه الضغوطات تؤثر عليه، فهل الله سيعاقبني على ما أفعل على الرغم من أنني لم أقصده، ولكن نفسيتي تعبانة وأمي وأبي ليس لهما دخل في تأخر زواجي ولكن مع ذلك أشعر بأنهما لا بد أن يشعرا بي ويقدرا ظرفي خصوصا أنني تعرضت لظروف قاسية جداً ـ لا وظيفة ولا زواج ـ ودائما أفكر ومررت بظروف صعبة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نزل بلاء بالعبد فعليه أن يراجع نفسه ويتوب إلى الله ويجتهد في طاعته والتقرب إليه، فكان أحرى بك حين أصابك بعض الهم أن تفزعي إلى الله وتتضرعي إليه وتجتهدي فيما يحبه ويرضاه، ولا يخفى عليك أن برّ الوالدين ـ ولا سيما الأم ـ من أفضل الطاعات وأعظم القربات، كما أن عقوقهما من أعظم الذنوب ومن أسباب سخط الله، فالواجب عليك التوبة إلى الله مما فرطت فيه من حق أمك، واعلمي أن التوبة تمحو ما قبلها، وأنك إذا حرصت على بر والديك وجاهدت نفسك على ذلك ثم حصل منك بعض التقصير، فإن ذلك مظنة العفو من الله، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا { الإسراء:25}.
قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين ـ أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة، وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.
واعلمي أن تأخر زواجك قدر من أقدار الله التي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، ففوّضي الأمر إلى الله وأحسني الظن به، وأكثري من دعائه فإنه قريب مجيب وننبهك إلى أنه يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على رجل صالح ليتزوجها وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم: 108281.
والله أعلم.