السؤال
بعض الأشخاص الذين يسافرون إلى أمريكا يقومون بتصوير أنفسهم وأقاربهم فوتوغرافيا عند تمثال الحرية, وحسب ما أعلمه فإن هذا التمثال يرمز إلى ليبرتا، وهي آلهة وثنية عند الإغريق.
فهل الشخص الذي صور مع هذا التمثال، ووضع صوره على موقع عام كالفيس بوك، أو اليوتيوب، يعد فعله هذا من الدعوة إلى الكفر ونشره؟ وإن لم يعتقد بآلهة الإغريق؟ وما هو أقصى ما في هذا الفعل؟ وهل يأثم فاعله أم يكفر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء إن ما يسمى بتمثال الحرية في أمريكا لا نعلم أنه يرمز إلى ما ذكره السائل الكريم, ولم نقف على من ذكر هذا, وإن كان ارتفاعه يبلغ 37مترًا وهو نفس ارتفاع تمثال رودس الضخم، الذي هو أحد ما يسمى بعجائب الدنيا السبع، والذي نحت تكريمًا لهليوس الذي عبده الإغريق، وخلاصة ما وقفنا عليه بخصوص ما يسمى بتمثال الحرية ما جاء ذكره في الموسوعة العربية العالمية عن التمثال من أنه: رمز الولايات المتحدة، يقف منتصبًا على جزيرة الحرية في ميناء مدينة نيويورك, أهدته فرنسا إلى الولايات المتحدة سنة 1884م للتعبير عن مشاعر صداقتها آنذاك, وهو مصنوع من النحاس، يُشرف على جزيرة الحرية عند مدخل ميناء نيويورك، وهو تمثال لامرأة ترتدي ثوبًا وتحمل مشعلاً، ويعتبر من أضخم التماثيل التي بنيت في التاريخ, وقد تبرع مواطنون فرنسيون بالمال لإنجاز التمثال، كما جمع الناس في الولايات المتحدة الأموال لبناء قاعدة التمثال، وصممه النحّات الفرنسي فريدريك أوجست بارتولدي, والتمثال من المعالم التي تجذب إليها السيَّاح من معظم أنحاء العالم. وفي كل سنة يزور تمثال الحرية ما لا يقل عن مليوني شخص. اهـ
والتصوير بجانب التمثال المشار إليه لا يعتبر كفرا مخرجا من الملة, كما أن الشخص الذي تصور عند هذا التمثال ووضع صوره على موقع عام كالفيس بوك أو اليوتيوب لا يعد فعله هذا من الدعوة إلى الكفر أو نشره، ولكن التصوير للذكرى بجانب التماثيل عموما سواء كان ذلك التمثال أم غيره للذكرى تكتنفه محاذير شرعية منها: أنه مخالف لما جاءت به الشريعة من ذم اتخاذ التماثيل وحرمة صناعتها والأمر بإزالتها, وانظر الفتوى رقم: 103014، عن التماثيل.
ومن المحاذير أيضا التصوير، فإننا نهينا شرعا عن اتخاذ الصور, وقد سبق أن بينا حرمة اقتناء الصور للذكرى بما فيها الصور الفوتغرافية، كما في الفتوى رقم: 185487، والفتوى رقم: 162237.
ومن المحاذير أيضا في التصوير بجانب ذلك التمثال أن فيه تشبها بالكافرين الذين يقصدونه بأعداد كبيرة كل سنة للتصوير عنده. وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى. رواه الترمذي.
كما أن ذلك المكان مظنة اختلاط الرجال بالنساء، ورؤية ما لا يحل رؤيته من العورات المكشوفة، فالذهاب إليه والحالة هذه، فيه ما فيه من تعريض المسلم نفسه للفتن، وغشيان أماكن أهل الفجور والمعاصي، وليس ثمت ضرورة ملجئة للذهاب إليه، فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى، وأن يقف عند حدوده، ويبتعد عن التشبه بالكافرين، وينبغي له أن ينأى بنفسه عن أن يكون من فئة نبتت في العصور المتأخِّرة وفي أعقاب الزمن، ذليلةٌ، مستعبَدة، ديدنُها التشبُّه والاستخذاء، يود الواحد منهم لو انسلخ من جلده واستبدله بجلد أؤلئك القوم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.