الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كراهية الوالد بسبب معاصيه

السؤال

أكره والدي وآسفة على أنني وصلت هذا الحد، ولكنني لم أعد أحتمل بعده عن الله، والدي عمره 80 عاماً ولم أذكر مرة أنني شاهدته يصلي أو يقرأ القرآن أو يصوم، بل على العكس، فهو يفعل كل شيء نهى الله عنه ـ يغتاب الناس ويمشي بالنميمة حتى في داخل البيت بيني وبين إخوتي ويتكلم في أعراض الناس بألفاظ مشينة خادشة للحياء حتى في موضوع الطهارة والنجاسة ـ أعزكم الله ـ فإنه لا يتطهر فيخرج من الحمام بدون أن يغسل يديه ـ فغدوت أشعر بأن منزلنا كله نجس، وأصبحت أخاف عند كل صلاة فأعيد تنظيف المكان الذي أصلي فيه عند كل وقت، فهل إن توضأت وأمسكت مقبض الباب مثلاً وكان المقبض عليه شيء من النجس لم أره يكون وضوئي فاسدا؟ ساعدوني أرجوكم ماذا أفعل؟ فأنا أشعر أن صلاتي ووضوئي دائماً فاسدان بسببه، ومع الأسف فنحن نشأنا على هذه الحالة، وإخواني كلهم مثله وأنا لم أعرف الإسلام حقاً إلا بعد أن صار عمري 28 سنة، وهداني الله على يد أحد المشايخ وتركت السفور وارتديت الحجاب والتزمت بتعاليم ديني الذي نشأت وأنا لا أعرف عنه شيئاً، ولكن إخواني لا زالوا على طريق الخطأ الذي تربوا عليه، حاولت كثيراً مساعدتهم للالتزام والتقيد بتعاليم الإسلام لكنهم لم يستجيبوا، لم أعد أحتمل وأحيانا كثيرة أدعو الله أن يأخذه مع أنني أعرف أن دعائي عليه حرام وأنه من الكبائر، ولكني لم أعد أستطيع أن أحبه أو أن أحترمه، مع العلم أنني أحاول أن لا أكون عاقة وأتجنب الحديث معه، فهل أنا آثمة بكرهي له؟ وهل سيعاقبني الله على مشاعري السلبية تجاهه؟ مع العلم أنه أيضاً غير ملتزم بواجباته كأب، فنحن نعمل لنعيل أنفسنا ونعيله مذ كنا صغاراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك على تلك الحال التي ذكرت فهو على خطر عظيم، لكن ذلك لا يسقط حقه عليك، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، وانظري الفتوى رقم: 103139.

فالواجب عليك بر والدك بما تقدرين عليه من غير ضرر يلحقك، ومن أعظم أنواع البر به أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر برفق وأدب، وإذا قمت بما يجب عليك تجاهه من البرّ فلا تضرك كراهيتك له بسبب معصيته لله ـ إن شاء الله ـ لكن لا تستسلمي لمشاعر الكراهية نحوه، حتى تدفعك إلى عقوقه، وراجعي الفتوى رقم: 43891.

وأما ما يتعلق بمسألة الطهارة والنجاسة فاعلمي أن الأصل في الأشياء الطهارة ولا يزول يقين الطهارة بالشك، ثم إن الوضوء لا يفسد بوقوع النجاسة على البدن، فاحذري من الوسوسة في هذه الأمور، فإن الوسوسة داء يشوش على الإنسان فكره وينكد عيشه ويضيع وقته وجهده، فاستعيني بالله وأعرضي عن الوساوس وأقبلي على ما ينفعك في دينك ودنياك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني