الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا سبيل لدفع الوساوس سوى الإعراض عنها

السؤال

السؤال:
أعاني من الوسواس في الصلاة - خصوصًا في تكبيرة الإحرام، والوضوء - وأنا على هذا الحال منذ سنة تقريبًا, فإذا توضأت للصلاة فإني أكرر الوضوء أكثر من مرة, مع الحلف في كل مرة أن أتوضأ مرة واحدة فقط, وأخرج من دورة المياه, ولكني أكرر الوضوء أكثر من مرة؛ حتى أقتنع أني توضأت جيدًا, وإذا صليت فإني أعاني من مشقة في نطق تكبيرة الإحرام, وأجد صعوبة في نطقها, وقبل أن أكبر أحلف بالله أن أكبر مرة واحدة فقط وأصلي, وإذا كبرت التكبيرة بمشقة وتعب أرجع وأعيدها أكثر من مرة؛ حتى أقتنع أني كبرت, وهي نفس حالة الوضوء فهناك حلف ووضوء، وهنا حلف وتكبيرة, وأنا أعلم أن هذا الشيء غلط, ويمكن ألا تقبل صلاتي بسبب الحلف الذي أحلفه, لكني تعودت عليه, وإذا دخل وقت الصلاة الثانية فإني أعيد الصلاة الأولى ثم الصلاة الثانية, فإذا صليت الفجر بالصباح وجئت لأصلي الظهر أرجع وأعيد صلاة الفجر التي صليتها أولًا ثم الظهر, وإذا صليت العصر فإني أصلي الفجر ثم الظهر ثم العصر وهكذا, حتى أنني صرت أنام عمدًا عن الصلاة, وأقوم آخر الليل لأصلي الصلوات من صلاة الفجر إلى العشاء, أي أني أصلي صلاة يوم كامل في وقت واحد هو آخر الليل, وتكون إعادة للصلاة التي صليتها؛ حتى إني عاهدت نفسي أن أصلي مرة واحدة فقط وبتكبيرة واحدة فقط, فأكبر في قلبي وأصلي بتعب ومشقة, وإذا انتهيت من هذه الصلاة أعيدها, لأني بعد الانتهاء من الصلاة أحس أن صلاتي خاطئة, ولا أقتنع بها, ونقضت هذا العهد ورجعت حالتي كما كانت, واللهِ إني تعبت من هذا الوسواس, وأتمنى أن أرجع مثل ما كنت قبل سنة, أتوضأ وأصلي دون أي وساوس, وقد قررت أن أذهب لطبيب نفسي لأتعالج؛ لأن كل أهلي والناس الذين أصلي عندهم يتضايقون من حركاتي, وأنا أيضًا أستحي من أن يروني بهذا الحال, لكن تفكير أهلي معقد, ويرون أن الذين يذهبون لطبيب نفسي هم المجانين فقط, وأنا أيضًا أخاف أن آخذ أدوية فتسبب لي ضررًا وأمراضًا, علمًا أني كلمت أكثر من شيخ, وأبحث بالنت دائمًا عن إجابات لمشكلتي, لكني لم أقتنع بإجاباتهم؛ لأن جوابهم نفس الجواب, توضئي مرة واحدة فقط، وكبري مرة واحدة فقط, وحالتي متعبة, وأمنيتي الأولى في الحياة أن أرجع مثل ما كنت من قبل, أصلي دون وسواس.
أرجو أن تفيدوني, وأسأل الله أن تكون في ميزان حسناتكم, وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلاجك مما تعانين منه هو ما نصحك به هؤلاء الشيوخ الذين استفتيتهم في أمرك، وليس لك علاج غير هذا, فإن أردت الشفاء من هذا الداء العضال فلا بد من أن تجاهدي نفسك في الإعراض عن هذه الوساوس, وعدم الالتفات إليها, وألا تلقي لها بالًا، وستكون هذه المجاهدة شاقة أول الأمر, ولكن مع الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه سيتيسر أمرك, ويسهل عليك التخلص من هذه الوساوس، وانظري في بيان كيفية علاج الوساوس الفتوى رقم: 134196 ورقم: 51601 فنحن نقول لك ما قيل لك من قبل، توضئي مرة واحدة, وكبري مرة واحدة, وصلي مرة واحدة, ولا تعيدي الوضوء ولا التكبير، ولا الصلاة ولا غير ذلك مهما وسوس لك الشيطان بأنك لم تفعلي العبادة على الوجه المشروع، وعليك بالذهاب إلى الطبيب الثقة, ولا تلتفتي إلى ما يتوهمه أهلك مما ذكرته, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتداوي وشرعه لأمته، ويمكنك كذلك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا، وأما الأيمان التي حلفتها فانظري لبيان حكمها الفتوى رقم: 164941.

وننبهك أخيرا إلى أن تعمد إخراج الصلاة عن وقتها من كبائر الذنوب، وانظري الفتوى رقم: 130853 فلا يجوز لك تعمد النوم عن الصلوات، ولا تأخيرها لتجمعيها في آخر الليل؛ بل يجب عليك أن تفعلي كل صلاة في وقتها، فإذا اجتهدت في مدافعة الوساوس سهل عليك هذا ولم تجدي فيه أدنى مشقة إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني