السؤال
أسكن في عقار، ودائما ما تحدث مشاكل بين السكان، ومؤخرا قام بعض السكان بعمل امتداد غير قانوني للشرفات، وحيث إنني أسكن بجوار أحد الجيران الذين قاموا بذلك الفعل فقد شملني هذا التوسع، وقد أضر ذلك بالجار الذي يسكن بالدور الأعلى، مما دفعه لتقديم شكوى ضدنا أدت إلى تطبيق غرامات، وإزالة التعديات بالقوة، مما سبب لنا ضررا، وهذا الفعل دفع أحد الجيران لافتعال المشاكل مع الشاكي، وقام باستئجار رجال قاموا بإحراق سيارة الجار الشاكي، وقد اعترف لي الجار الذي قام باستئجار هؤلاء بأنه فعل ذلك، وطلب مني المساهمة في تكلفة هذه العملية التي لم أتفق معه عليها، ظنا منه أن ذلك يعتبر ردا لما فعله الجار الثاني الذي قام بشكوانا وهو يطاردني، ويطالبني بدفع مبلغ المساهمة.
فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أولا أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل مما وقعت فيه من مشاركة في أذية الجار إن كنت شاركت في ذلك.
ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه. وفي رواية مسلم: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه. لأنه ما كان لك ابتداء أن تقبل بالامتداد غير القانوني وخاصة أنه قد تأذى به بعض الجيران.
وأما ما قام به جاركم من الشكوى عليكم، فهذا من حقه لتضرره بفعلكم, وقد جاء في الحديث: لا ضرر ولا ضرار. وما تم من إزالة للشرفات فهو حق أيضا؛ للقاعدة المقررة فقهياً :" الضرر يزال "
وعليه، فما كان لجارك الآخر أن يفتعل المشاكل مع الجار المشتكي عليكم، لأنه إنما أخذ حقه ولم يظلمكم. وما قام به جارك من إحراق سيارة الشاكي هو فعل محرم ولا يجوز شرعاً, وعليه أن يتحلل من جاره، ويدفع له قيمة السيارة التي أحرقها, وإلا فإنه مؤاخذ به في الآخرة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
ومعلوم أن من شرط التوبة إذا كان الذنب متعلقاً بحق العباد إرجاع الحق إليهم، والتحلل من مظلمتهم.
وأما مطالبة الجاني لك بدفع مساهمة على عملية إحراق سيارة جاركم فهي مطالبة باطلة، ولا يلزمك المشاركة فيها بل لا تجوز, لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان, وهو محرم شرعا قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة : 2]. فإن أعطيته فإنك تكون آثما للمشاركة معه في الإثم والعدوان. وانظر فتوانا رقم: 132658. ورقم: 60224.
والله أعلم.