السؤال
هل تجزئ الصلاة خلف شخص رسم وشمًا كبيرًا على ذراعه, مع أنه مسلم لكنه وضع الوشم تشبهًا بغير المسلمين؟
هل تجزئ الصلاة خلف شخص رسم وشمًا كبيرًا على ذراعه, مع أنه مسلم لكنه وضع الوشم تشبهًا بغير المسلمين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فإذا كان الوشم يمكن إزالته من غير حصول ضرر فإنه تجب إزالته, فإن لم يفعل لم تصح صلاته مع بقائه عند كثير من أهل العلم؛ لأن الوشم نجس فلا تصح صلاته ولا صلاة من اقتدى به, وإذا كان لا يمكن إزالته إلا بضرر, فإن صلاة صاحبه صحيحة, ويصح الاقتداء به, جاء في الموسوعة الفقهية: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَشْمَ نَجِسٌ؛ لأِنَّ الدَّمَ انْحَبَسَ فِي مَوْضِعِ الْوَشْمِ بِمَا ذُرَّ عَلَيْهِ, وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِزَالَةِ الْوَشْمِ حَيْثُ إِنَّهُ نَجِسٌ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْوَشْمِ حُكْمُ الاِخْتِضَابِ أَوِ الصَّبْغِ بِالْمُتَنَجِّسِ يَطْهُرُ بِالْغَسْل, وَلاَ يَضُرُّ بَقَاءُ أَثَرِهِ، فَإِذَا غُسِل طَهُرَ وَلاَ يَلْزَمُ سَلْخُهُ؛ لأِنَّهُ أَثَرٌ يَشُقُّ زَوَالُهُ، وَتَصِحُّ صَلاَتُهُ وَإِمَامَتُهُ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَشْمَ إِذَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ دَوَاءً، وَلَمْ تَتَزَيَّنْ بِهِ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا، فَإِنَّهُ لاَ يُكَلَّفُ صَاحِبُهُ بِإِزَالَتِهِ بِالنَّارِ، بَل هُوَ مِنَ النَّجَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، فَتَصِحُّ الصَّلاَةُ بِهِ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ إِزَالَةُ الْوَشْمِ مَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، فَإِنْ خَافَ لَمْ يَجِبْ إِزَالَتُهُ، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ, وَهَذَا إِذَا فَعَلَهُ بِرِضَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ, وَإِلاَّ فَلاَ تَلْزَمُهُ إِزَالَتُهُ مُطْلَقًا، وَتَصِحُّ صَلاَتُهُ وَإِمَامَتُهُ، وَلاَ يُنَجِّسُ مَا وَضَعَ فِيهِ يَدَهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا وَشْمٌ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ إِنْ خُيِّطَ جُرْحٌ, أَوْ جُبِرَ عَظْمٌ مِنْ آدَمَيٍّ بِخَيْطٍ نَجِسٍ, أَوْ عَظْمٍ نَجِسٍ فَصَحَّ الْجُرْحُ أَوِ الْعَظْمُ لَمْ تَجِبْ إِزَالَةُ النَّجِسِ مِنْهُمَا مَعَ خَوْفِ ضَرَرٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ حُصُول مَرَضٍ .... وَمَعَ عَدَمِ ضَرَرٍ بِإِزَالَةِ الْوَشْمِ تَجِبُ إِزَالَتُهُ؛ لأِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِزَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَلَوْ صَلَّى مَعَهُ لَمْ تَصِحَّ. اهــ.
وانظر الفتوى رقم: 64603 عن حكم إمامة الموشوم.
ويجب على ذلك الشخص التوبة إلى الله تعالى, فإن الوشم محرم في أصله, فإذا فعله تشبهًا بالكفار صار التحريم أشد, ومن هذا حاله لا ينبغي أن يكون إمامًا للناس, فإن إمامة الناس في الصلاة منزلة عظيمة ينبغي أن يتولاها من تتوافر فيه العدالة, لا أن يتولاها الفساق, وانظر الفتوى رقم: 79078 والفتوى المرتبطة بها عن حكم الوشم, والفتوى رقم: 116802 عن التشبه بالكفار.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني