السؤال
تم بسط سجادات على بساط المسجد بسبب الشتاء، ولكن هناك من يزيل السجادة التي أمامه عندما تقام الصلاة؛ مما يثير تحفظ الناس, وخاصة كبار السن، فينكرون هذا الفعل, ويقولون هذا تشدد، ويقولون: لماذا تصلي على السجادة التي تحتها إذن؟ وبماذا ينصح الطرفان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فلا حرج في بسط السجادة فوق بساط المسجد والصلاة عليها, لا سيما عند الحاجة إليها, كاتقاء البرد, ونحو ذلك, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على الخمرة ففي البخاري من حديث مَيْمُونَةَ - رضي الله تعالى عنها - قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ. والخمرة قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ سَجَّادَةٌ مِنْ سعف النَّخْلِ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ الْمُصَلِّي، وقال الخطابي هي: السجادة التي يسجد عليها المصلي, ويقال: سميت بهذا لأنها تخمر وجه المصلي عن الأرض أي تستره, وقال الشوكاني في نيل الأوطار: والحديث يدل على أنه لا بأس بالصلاة على السجادة ... اهــ .
ومن أنكر من العلماء الصلاة على السجادة – كشيخ الإسلام ابن تيمية - إنما أنكرها على من اعتقد خصوصية الصلاة عليها, أو تحرى الصلاة عليها, بحيث لا يصلي إلا عليها, جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الصلاة على السجادة الخاصة بالمصلى أو على السجاد العام للمصلين في المسجد لا بأس بها، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على الحصير، وعلى غيره من الفرش، وصلى على الأرض، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتقيد بحالة معينة من ذلك، بل كان يصلي على ما تيسر, وأما ما ذكره شيخ الإسلام، فإنه في موضوع خاص، وهو ما يفعله المبتدعة من اعتقادهم فضيلة الصلاة على سجادة خاصة، ويرون أن الصلاة عليها أفضل من الصلاة على غيرها. اهــ .
وما يفعله الشباب المشار إليهم في السؤال من نزع السجادة إن كان بسبب زخرفة موجودة فيها قد تلهي المصلي عن صلاته عليها فإن نزعها هو الصواب؛ لأن السنة دلت على اجتناب المصلي ما يلهيه عن صلاته, وينبغي لهم حينئذ أن يبينوا للناس برفق وحكمة وجهة نظرهم, وانظر الفتوى رقم: 9403, والفتوى رقم: 175727, وإن فعلوا ذلك لاعتقاد بدعية الصلاة عليها مطلقًا فإنه ينبغي نصحهم وتعليمهم بالتي هي أحسن, فإن كثيرًا منهم مع حرصهم الشديد على إحياء السنة ينقصهم العلم الشرعي, وينبغي لأولئك الشباب أيضًا أن يجتهدوا في طلب العلم, والحرص على جمع الكلمة, حتى ولو بترك بعض المستحبات؛ لأن مصلحة جمع الكلمة وتأليف القلوب من أعظم المقاصد التي جاء بها الشرع, وانظر الفتوى رقم: 134457 عن ترك بعض السنن والمستحبات قصد تأليف القلوب.
والله تعالى أعلم.