السؤال
أنا شاب عمري 30 عامًا, وأنا أبحث عن عمل منذ سنتين ولم أجد حتى الآن، فقال لي أحد الأصدقاء: تصدق بصدقة، فإن الصدقة تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار، فقلت له: إني لا أعمل، فقال لي: خذ مبلغًا من المال - وليكن عشر دولارات - من أبيك أو من أمك وتصدق بها، وقال لي: إن كثيرًا من الشباب فتح الله عليهم, ووجدوا عملًا بعد أسابيع قليلة من تصدقهم, بعد انتظارهم سنوات طويلة باحثين عن عمل، فهل يجوز لي أن آخذ مبلغًا من أحد والديّ لأتصدق به؟
وقد قرأت في أحد المواقع أن شابًا ظل يستغفر ليلَ نهارَ حتى يجد عملًا وحتى يتزوج، فلم تمض أشهر حتى وجد عملًا وتزوج، فهل الاستغفار أقوى من الصدقة لنيل رضا الرحمن, وللحصول على العمل بسرعة - بإذن الله تعالى - وللزواج كما حصل مع هذا الشاب؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بأي وجه من جوه الخير: بالصدقة, أو بالاستغفار, أو بغير ذلك، كلها مفاتيح خير ويسر وتيسير على العبد في دنياه وأخراه، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}, وقال: وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى. {هود:3}.
وقد ذكر أهل العلم أنه يشرع للعبد أن يعمل العمل من وجوه القربة, ويقصد به تحقيق مصلحة دنيوية, تبعًا للقصد الأول وهو التماس الطاعة ابتغاء وجه الله، وإن كان إفراد القصد أولى، أما أن يعمل الإنسان عملًا من الطاعة، وليس له غرض إلا تحقيق ما يترتب عليه من حظ دنيوي فإن ذلك مما ينافي الإخلاص, وقد بسطنا هذه المعاني في الفتويين التاليتين: 25249 - 129078 فراجعهما.
أما ما سألت عنه من تفضيل الاستغفار على الصدقة: فالذكر في جملته أفضل من الصدقة، قد قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم, وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى, قال: ذكر الله تعالى, قال معاذ بن جبل: ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله. رواه الترمذي.
قال المباركفوري: وفي الحديث دليل على أن الذكر أفضل عند الله تعالى من جميع الأعمال التي يعملها العبد, وأنه أكثرها نماء وبركة, وأرفعها درجة, وفي هذا ترغيب عظيم.
وقال شيخ الإسلام: وأما ما سألت عنه من أفضل الأعمال بعد الفرائض؛ فإنه يختلف باختلاف الناس فيما يقدرون عليه, وما يناسب أوقاتهم, فلا يمكن فيه جواب جامع مفصل لكل أحد, لكن مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره: أن ملازمة ذكر الله دائمًا هو أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة.
ومن جملة ما تقدم نقول: لا بأس أن تعمل ما استطعت من القرب مما ذكرت ومن غيره، دون تحديد قدر معين فتقصد بذلك - بعد قصد التقرب - تحقيق حاجاتك الدنيوية، وتسأل أن ييسر لك الخير, وأن يبارك لك فيه.
والله أعلم.