الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إيقاع الذنب بعد الطاعة علامة الخذلان

السؤال

هل يجوز أن نذنب بعد صوم يوم عرفة وهو صيام يكفر السنة المقبلة؟
وما هو توجيهكم لمن يقول إنه سيذنب لأن ذنبه مكفر بصام يوم عرفة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز إيقاع الذنب أبداً لا قبل صوم عرفة ولا بعد ذلك, بل إن إيقاع الذنب بعد الطاعة علامة الخذلان. وحرمة الذنوب والمعاصي مقررة في الكتاب والسنة؛ قال تعالى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ......... الآيات التي ذكر فيها أنواع من المحرمات. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. بل هذا الفعل مخالف للنص الشرعي الدال على أن المرء ينبغي له أن يتبع الحسنة بالحسنة, وليس الحسنة بالسيئة, قال تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ {الشرح:7}.

قال في التسهيل لعلوم التنزيل: فإذا فرغت فانصب. هو من النصب بمعنى التعب، والمعنى إذا فرغت من أمر فاجتهد في آخر. ثم اختلف في تعيين الأمرين فقيل: إذا فرغت من الفرائض فانصب في النوافل، وقيل إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء، وقيل إذا فرغت من شغل دنياك فانصب في عبادة ربك.

بل العكس هو الصحيح، وهو أن من فعل السيئة ينبغي له أن يفعل الحسنة حتى تمحوها ولا يعكس القضية. عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. رواه الترمذي.

وصوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة؛ فعن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية. رواه أحمد وغيره. لكن المراد بذلك تكفير الصغائر، أما الكبائر فإنها تحتاج إلى التوبة لتكفيرها. وانظر فتوانا رقم: 43836.

وأما من يقول سأذنب لأن ذنبي مكفر بالصوم, فهذا خبث في النفس، وخذلان في الأمر، ومن أين عرف صاحبه أن الله تقبل منه الصوم أصلا حتى يكفر عنه به ذنبه، خصوصا أن أهل العلم قد ذكروا أن علامة قبول الطاعة الاستمرار على طاعة الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

ثم على افتراض قبول الصوم منه، فإن كان ذنبه من الكبائر فلا يكفرها صوم عرفة كما تقدم, وإن كان من الصغائر فربما أصبحت في حد الكبيرة بالتجرؤ والإصرار.

وعلى المرء أن يتقي الله تعالى فربما أتاه الموت وهو على ذنوبه ولم يصل إلى التوبة منها ولا تكفيرها بالأعمال الصالحة.

وانظري فتاوانا التالية أرقامها: 22204. 66400. 121433.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني