السؤال
كنت مع شخص وحدث بيننا حديث, فقال: (عليّ الحرام والطلاق ما رأيت كذا) وأنا من غضبي اقتبست كلامه, وقلت: (عليّ الحرام والطلاق أنك رأيت) ولم أستوعب الكلام إلا بعد نطقها, وتذكيري منه, فأنا لم أنوِ الطلاق, وهو فعلًا لم يرَ - على حد قوله -, وأنا لم أقصد, وإنما كانت المسألة كأنه قال: والله لم أفعل, وأنا قلت: والله فعلت, فما هو الحكم؟
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن الحلف بالطلاق - سواء أريد به الطلاق, أو التهديد, أو المنع, أو الحث, أو التأكيد - يقع به الطلاق عند الحنث -وهو المفتى به عندنا - خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق, وإنما يراد به التهديد, أو التأكيد على أمر حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين, ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وأما الحلف بالحرام: فقد اختلف أهل العلم في حكمه: فذهب بعضهم إلى أنه يُحمل على الظهار, وبعضهم إلى أنه طلاق, وبعضهم إلى أنه يمين, وفرّق بعضهم بين ما إذا قصد بها الطلاق أو الظهار أو اليمين, وهو المفتى به عندنا, وانظر الفتوى رقم: 14259.
وعليه: فالمفتى به عندنا أنك إذا حنثت في يمينك وقع الطلاق, ووقع ما قصدته بالحرام, فإن قصدت به طلاقًا يقع بالحنث طلقتان، وإن قصدت ظهارًا وقع بالحنث طلاق وظهار، وإن قصدت يمينًا أو لم تقصد شيئًا معينًا وقع بالحنث الطلاق, ولزمتك كفارة يمين، فإن كنت حلفت على هذا الأمر لغلبة ظنك أن الرجل قد رأى الشيء المقصود بالحلف، ففي هذه الحال لا تحنث في يمينك, ولا يقع طلاق ولا تحريم، قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن، فلا كفارة عليه؛ لأنه من لغو اليمين.
وأما إن كنت حلفت شاكًّا في الأمر, أو قاصدًا الكذب فقد حنثت في يمينك، قال الدردير - رحمه الله - في الشرح الكبير في كلامه على اليمين الغموس: بِأَنْ شَكَّ الْحَالِفُ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ, أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ، وَأَوْلَى إنْ تَعَمَّدَ الْكَذِب.
واعلم أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، أما الحلف بالحرام والطلاق فمنهي عنه.
والله أعلم.