الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسمية مشروعة عند فعل المباحات أو القرب، وأما المحرم والمكروه فلا تشرع التسمية عندهما, قال الدمياطي في حاشيته على إعانة الطالبين: البسملة مطلوبة في كل أمر ذي بال, أي: حال يهتم به شرعًا؛ بحيث لا يكون محرمًا لذاته, ولا مكروهًا كذلك، ولا من سفاسف الأمور أي: محقراتها. اهـ
وقد علل الإمام جلال الدين السيوطي ذلك فقال: لأن الغرض من البسملة التبرك في الفعل المشتمل عليه، والحرام لا يراد كثرته وبركته, وكذلك المكروه. اهـ.
والبسملة حينئذ تعتريها الأحكام الخمسة, قال الدمياطي: فتحرم على المحرم لذاته كالزنا, وتكره على المكروه لذاته كالنظر لفرج زوجته, ولا تطلب على سفاسف الأمور - ككنس زبل - صونًا لاسمه تعالى عن اقترانه بالمحقرات, والحاصل أنها تعتريها الأحكام الخمسة الوجوب, والاستحباب, والتحريم في المحرم الذاتي, والكراهة في المكروه الذاتي, والإباحة في المباحات التي لا شرف فيها - كنقل متاع من مكان إلى آخر -.
وأما ما كان مباحًا في ذاته, ولكنه نيل بطريق غير مشروع فالمعتمد: أن التسمية لا تحرم عند تناوله, قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب: والمعتمد أنها تحرم في الحرام - أي: لذاته - كالزنا, وشرب الخمر, وكذا يقال في المكروه, ولينظر لو أكل مغصوبًا هل هو مثل الوضوء بماء مغصوب، أو الحرمة فيه ذاتية؟ والظاهر الأول, وحينئذ فصورة المحرم الذي تحرم التسمية عنده أن يشرب خمرًا، أو يأكل ميتة لغير ضرورة, والفرق بينه وبين أكل المغصوب أن الغصب أمر عارض على حل المأكول الذي هو الأصل بخلاف هذا. اهـ.
فمما ذكر يتبين لك أنه لا يحرم عليكم التسمية عند تناول طعامك, ولا التحميد عند الانتهاء منه، ولا عند اللبس, ولو كانت تلك الأمور قد نيلت بطرق غير مشروعة.
وعلى أية حال: فمن ابتلي بشيء من المال الحرام؛ فعليه أن يتخلص منه, ويتوب إلى الله عز وجل، وأن يرد الحقوق إلى أصحابها, عسى الله أن يعفو عنه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.