السؤال
إذا نهى الله عن شيء وكانت النفس تحب هذا الشيء وفعلته فهل يكفر المسلم؟ وليتضح المقال أقول: حرَّم الله النظر المحرم, لكن النفس تشتهيه, فهل يرتدُّ المسلم إذا نظر لتقديم شهوته على أمر الله؟ وهل تعمد الذنب لا يقبل التوبة منه؟ وهل أكون بحبي لذلك الشيء وفعلي له مرتدًا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ميل النفس لما نهى الله عنه, أو كراهتها لما فرض الله, والنفور منه بمقتضى الطبع البشري, مع الرضا والتسليم بالحكم الشرعي ليس ردة ولا خروجًا من الملة، فقد قال سبحانه: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، قال الشيخ ابن عثيمين - في ذكر فوائد الآية -: أنه لا حرج على الإنسان إذا كره ما كتب عليه؛ لا كراهته من حيث أمر الشارع به؛ ولكن كراهته من حيث الطبيعة؛ أما من حيث أمر الشارع به فالواجب الرضا، وانشراح الصدر به. اهـ.
وقال ابن عاشور: كراهية الطبع الفعل لا تنافي تلقي التكليف به برضا؛ لأن أكثر التكليف لا يخلو عن مشقة. اهـ.
والواجب على المسلم مجاهدة نفسه في امتثال أوامر الله، وترك ما نهى عنه.
والتوبة مقبولة بلا شك ممن تعمد الذنب - والذنب أصلًا لا يكون إلا بتعمد، فإن المخطئ لا إثم عليه - فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.