السؤال
هل يجوز التمسح بجدار الكعبة من الداخل في حجر إسماعيل، وإلصاق الصدر والذراعين والخد بجدرانها من داخل الحجر، تعظيما لها وليس تبركا بها؟
هل يجوز التمسح بجدار الكعبة من الداخل في حجر إسماعيل، وإلصاق الصدر والذراعين والخد بجدرانها من داخل الحجر، تعظيما لها وليس تبركا بها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا التمسح والإلصاق ليس من السنة، بل السنة استلام الركنين اليمانيين، وقد ورد عن بعض الصحابة التزام ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة وهو ما يعرف بالملتزم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولما حج النبي صلى الله عليه وسلم استلم الركنين اليمانيين ولم يستلم الشاميين؛ لأنهما لم يبنيا على قواعد إبراهيم، فإن أكثر الحجر من البيت، والحجر الأسود استلمه وقبله، واليماني استلمه ولم يقبله، وصلى بمقام إبراهيم ولم يستلمه ولم يقبله، فدل ذلك على أن التمسح بحيطان الكعبة غير الركنين اليمانيين، وتقبيل شيء منها غير الحجر الأسود ليس بسنة، ودل على أن استلام مقام إبراهيم وتقبيله ليس بسنة. انتهى.
وكذلك فإن هذا التمسح ليس من تعظيم البيت.
قال شيخ الإسلام: ومن تمام تعظيم البيتِ أن يُعبَد اللهُ فيه كما شَرعَه رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيُطَاف به، ويُستَلم الركنانِ اليمانيانِ، ويُقبَّل الحجرُ الأسودُ. فلو قال قائلٌ: من تعظيمه استلامُ الركنينِ الشاميينِ، وتقبيلُ مَقام إبراهيم والمَسْحُ به، أو تقبيلُ غيرِ الحجرِ الأسودِ من جُدران الكعَبة، ونحو ذلك مما قد يَظنُّه بعضُ الناس تعظيما، كان هذا غلطًا. وإذا نهاهُ ناهٍ عن ذلك فقال: نَهْيُك لي عن هذا تنقُّصٌ واستخفاف بحرمة البيت، كان قد غَلِطَ غلطًا ثانيًا. ولهذا لمّا طافَ ابنُ عباس ومعاويةُ بالبيت فكان ابن عباس لا يَستلم إلاّ الركنينِ اليمانيين، واستلم معاويةُ الأركانَ الأربعةَ، فقال ابن عباس: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يستلم إلاّ الركنين اليمانيين، فقال معاوية: ليس من البيتِ شيء مهجور، فقال له ابن عباس: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، فسَكتَ معاويةُ ووافقَ ابنَ عباس. فمعاويةُ احتجَّ بأنّ البيت كلَّه معظَّم لا يُهجَر منه شيء، فأجابَه ابن عباسٍ بأن العباداتِ يجبُ فيها اتباعُ ما شَرَعَه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأمّتِه، ليس لأحدٍ أن يَشرعَ برأيه عبادةً لما يراه في ذلك من تعظيم الشعائر. فوافقَه معَاويةُ، وعَلِمَ أنَ الصوابَ مع ابن عباسٍ. انتهى.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: وبهذه المناسبة أيضاً أود أن أُبين أن ما يفعله كثير من الجهلة يتمسحون بجميع جدران الكعبة وجميع أركانها، فإن هذا لا أصل له وهو بدعة ينهى عنه. انتهى.
ولمزيد من الفائدة راجع هاتين الفتويين: 132700، 140192.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني