السؤال
أنا شاب نصراني عمري 29 سنة، أعمل مهندس كمبيوتر، أفكّر في اعتناق الإسلام منذ فترة، ومتردد لظروف اجتماعية نعلمها جميعًا، وفي الفترة الأخيرة زادت هذه الرغبة؛ لرغبتي في الزواج من فتاة مسلمة، فهل هذا خطأ أم صواب؟ وكل ما يسيطر عليّ الآن هو تنفيذ هذه الخطوة، وإكمال حياتي مع الفتاة التي اخترتها خارج البلاد؛ لرغبتي في عدم إخبار أهلي بهذا الموضوع؛ لعدم تعرضهم إلى المشاكل وسط المجتمع النصرانيّ، فقد فكرت في السفر إلى السعودية وإكمال حياتي هناك مع زوجتي التي اخترتها، والتي اختارت أن تقف جانبي في هذه الخطوة، وأنا أبحث الآن جادًّا عن الفرصة المناسبة للسفر، فهل هذا خطأ أم صواب؟ وهل سيقبل إسلامي مني أم لا؟ وشكرًا على النصيحة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من فضل الله عليك، وإحسانه بك أن شرح صدرك للإسلام، ورغّبك فيه، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125].
فإذا أراد الله بالإنسان خيرًا، شرح صدره للإسلام، فاتسع له، واستقبله في يسر ورغبة، يتفاعل معه، ويطمئن إليه، ويستريح إليه، هذا ولعل في رغبتك في الزواج من هذه المرأة المسلمة مزيد لطف من الله تعالى بك، وسبب آخر لدخولك الإسلام.
ولقد وقع مثل هذا لبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كما في قصة إسلام الصحابي الجليل أبي طلحة، فقد أسلمت زوجته أم سليم قبله، فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت تزوجتك، فأسلم فتزوجته. قال الحافظ ابن حجر معلقًا: وهو محمول على أنه رغب في الإسلام، ودخله من وجهه، وضم إلى ذلك إرادة التزوج المباح. انتهى.
وفي رواية: أن أبا طلحة خطب أم سليم، فقالت: ما مثلك يرد، ولكن لا يحل لي أن أتزوجك يا أبا طلحة وأنت كافر، فإن تسلم، فذاك مهري، ولا أسألك غيره، فتزوجها، قال ثابت: فما سمعنا بمهر قط، كان أكرم من مهر أم سليم: الإسلام.
وهذا عكرمة بن أبي جهل كان من ألدّ أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم، وعندما فتح المسلمون مكة، فرّ عكرمة إلى اليمن، بينما أسلمت زوجته أم حكيم بنت الحارث، فاستأمنت لزوجها، ولحقت به باليمن، وردته مسلمًا، فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقدهما الأول، ثم حسن إسلام عكرمة، وأبلى بلاء حسنًا في الدفاع عن الإسلام.
وكثيرون أولئك الذين دخلوا الإسلام لأغراض دنيوية، أو شخصية، ثم ما لبثوا أن صاروا من أشد الناس حبًّا للإسلام، وتمسكًا به؛ لما وقفوا على ما فيه من صفاء العقيدة، وسلامة التصور عن الله، والكون، والحياة.
ثم اعلم أن العبرة في القصد بالابتداء، فإذا كان الشخص نوى الأمر لله تعالى ابتداء، لم يضره ما خالطه بعد ذلك مما يغاير تلك النية، ونسأل الله عز وجل أن يهديك إلى دينه، وأن يعينك على ذلك.
والله أعلم.