الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقسم أن يترك أمرا معينا ثم أقسم على المصحف تأكيدا ثم حنث

السؤال

أنا شاب عمري 19 عاما تقريباً, وضعت يدي على المصحف، وأقسمت بأن أترك العادة السرية بأن قلت: أقسم بالله أن أتركها. وقلت أيضاً: يشهد ربي عليَّ أن لا أعود إليها. وبعد فترة أقسمت على المصحف مرة أخرى بنفس ما قلت في المرة الأولى تأكيداً. وبعد القسم في المرة الثانية حنثت، ومارستها ثلاث مرات دون تكرار القسم أكثر من المرتين السابقتين.
فما ذا يلزمني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فيلزمك أولا التوبة إلى الله تعالى بالكف عن تلك العادة، والندم على ممارستها، والعزم على عدم الرجوع إليها؛ فإنها محرمة.

ويلزمك ثانيا كفارة لأجل الحنث, وإن كنت نويت التأكيد كما يدل عليه قولك: ( وبعد فترة أقسمت تأكيدا ) فتلزمك كفارة واحدة. وأما إن كنت نويت إنشاء يمين أخرى، أو لم تكن لك نية. فهل تلزمك كفارة واحدة أو كفارتان؟ قولان لأهل العلم.

قال ابن قدامة في المغني فيمن كرر اليمين على شيء واحد ثم حنث: أَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، مِثْلَ إنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا. فَحَنِثَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَعُرْوَةُ، وَإِسْحَاقُ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَحَمَّادٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ..... وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: عَلَيْهِ بِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّأْكِيدَ وَالتَّفْهِيمَ. وَنَحْوُهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالْمَذْهَبَيْنِ, وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِنَا، وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ كَقَوْلِهِمْ . اهــ. وانظر الفتوى رقم: 167403

وإذا حصل الحنث، فإن اليمين تنحل ولا تتكرر عليك الكفارة بما مارسته بعد ذلك من هذا الفعل.

ثم إننا ننبهك أيها الأخ إلى أننا لاحظنا منك تكرر نفس السؤال عن نفس الموضوع, العادة السرية, والحنث في يمينها, وهل تلزم كفارة واحدة أم لا؟ وقد تدخل بهذا في كثرة السؤال المنهي عنها في الحديث, كما في حديث أبي هريرة مرفوعا: وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ. رواه الشيخان.

قال الحافظ ابن حجر: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى النَّهْي عَنْ كَثْرَة الْمَسَائِل وَالتَّعَمُّق فِي ذَلِكَ . اهــ.

ونرجو أن يكون فيما ذكرناه لك كفاية، وقد نصحناك مرارا بما فيه الكفاية، فما عليك إلا الامتثال وفقك الله تعالى لما فيه الخير.


والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني