السؤال
ذكرتم في الفتوى رقم: (186) التالي: " فلا يجوز له أن يساهم في شركة تكون معاملاتها محظورة شرعًا؛ لأنه بمساهمته فيها يكون شريكًا بمقدار ما يملكه من أسهم", من أين لكم ذلك؟ وهل هذا يعني المشاركة في مقدار الإثم بحسب الأسهم التي أمتلكها, أم المشاركة في الشركة مجازيًا فقط؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنعني بما اقتبست: أن من ساهم في أي مؤسسة - سواء كانت نقية أو تتعامل بشيء من وجوه الحرام - فهو شريك في هذه المؤسسة بمقدار ما يملكه من أسهم فيها؛ وبالتالي فهو شريك في الإثم عندما تمارس الشركة محرمًا باعتبار أن الشركة قائمة على الوكالة، فهو موكل للشركاء العاملين, أو لمجلس إدارة الشركة في هذه الأعمال، وليس فيما قلنا أن الإثم يكون على قدر الأسهم دون النظر إلى ما سواها من مناحي الشراكة, كالإدارة, والتسيير، وهذا الحكم المذكور في الفتوى جار على جزئية مخصوصة هي مناط السؤال المجاب عليه, فلا مجال لتعميمه.
أما تحريم المشاركة في الشركات التي تمارس أعمالًا محرمة: فمستمد من عمومات الشرع في هذا المجال, ومنها قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
يقول السعدي: كلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها, وينشط لها، وبكل فعل كذلك, وكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه. أهـ بتصرف.
ومن فعل ذلك فهو شريك في الإثم بقدر نصيبه من الفعل, ولا يخفى أن المساهم فاعل في أعمال الشركة بماله, وإن لم يكن فاعلًا بيده, ولا برأيه.
والله أعلم.