الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التقصير اليسير في حق الأبوين مظنة العفو

السؤال

أرجو منكم – إخواني - إفادتي عن هذا الموضوع؛ لأني – واللهِ - لا أنام الليل من التفكير فيه, فهو صعب جدًّا, فوالدتي توفيت قبل 3 سنوات, وكنا - أنا وهي وإخوة توأم - أعمارهم 16- وكان عمري آنذاك 22 عامًا – نسكن معًا, وكنت في آخر فصل بالجامعة - والحمد لله - وقبل أن تتوفى مرضت أكثر من 3 سنوات, ولم تكن تستطيع أن تعمل, حتى أن نظرها كان ضعيفًا, ولم أجعلها في حاجة لشيء؛ لأن أخواتي كلهن متزوجات, وعندهن أولاد, فكنت قائمًا بكل شغل البيت: من طبخ, وغسل, وغيره, ولم أكن أريد إلا رضاها, وكنت أعطيها الدواء في مواعيده, وقبل أن تتوفى بشهر جاءتها جلطة في الدماغ, وصارت تنسى أمورًا كثيرة, وأصبحت عصبية - والحمد لله – ولم أجعلها في حاجة لأي شيء, وقبل أن تتوفى بأسبوع زاد مرضها, وكانت لا تنام الليل من التعب, وفي ذلك الأسبوع كان عندي امتحانات, وبعدها التخرج, وكنا نمكث عندها - أنا وأخواتي وإخواني - أغلب الوقت, وفي الليلة التي توفيت فيها كان عندي في اليوم التالي لها امتحان الساعة 8 صباحًا, ولا بدّ أن أخرج الساعة السادسة, وظللت عندها للساعة 12, وقلت لها: سأنام؛ لأن عندي امتحانًا, ولم أكن واعية, وذهبت للنوم, وظلت تنادي, ومن التعب لم أستطع أن أذهب إليها, وغضبت عليّ, وواللهِ إن هذا الشيء لا يجعلني أنام الليل, فماذا أعمل؟ وأنا لا أقطع فرضًا, وأحفظ أكثر من نصف القرآن, لكن كلمة غضبها ما زالت في أذني, فأنا متعبة جدًّا, فبالله عليكم ساعدوني, ماذا أعمل؟ فأنا أتصدق عنها حسب مقدرتي, وأزور قبرها, وفي رمضان من كل سنة أختم القرآن عنها, لكن غضبها عليّ أتعبني, وحياتي ووضعي صعب, وربي يعلم بحالي, ولا أعرف ماذا أعمل, فأرجو منكم نصحي, وأعتذر للإطالة, لكن الذي بقلبي أعظم من هذا, وأختنق من سماعي لكلمة والدتي - ربي يرحمها, ويسكنها فسيح جناته -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس فيما ذكرت عقوق لأمك, بل الظاهر - والله أعلم - أنك كنت بارة بها, وحريصة على مرضاتها، وما دام الحال هكذا, فأبشري خيرًا - بإذن الله- .

وعلى فرض أنه قد حصل منك بعض التقصير في حق أمك, فإن ذلك مظنة العفو من الله، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25}.
قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما؛ لا يريد بذلك بأسًا, قال الله تعالى: (إن تكونوا صالحين) أي: صادقين في نية البر بالوالدين, فإن الله يغفر البادرة, وقوله: (فإنه كان للأوابين غفورًا) وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني