السؤال
هل يجوز لشخص أن يدعو على من يشعر بأنه ظلمه، وهو لم يعرف أنه مظلوم أو لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظالم الذي تُحقق من ظلمه، يجوز الدعاء عليه؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن عروة، عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين. فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
وقال الله سبحانه: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء: 148}.
وفسرها ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بقوله: لا يحب الله أن يدعوَ أحدٌ على أحد، إلا أن يكون مظلومًا، فإنه قد أرخَص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: إِلَّا مَنْ ظُلِمَ. وإن صبر فهو خير له. وقال قتادة: عذر الله المظلوم ـ كما تسمعون ـ أن يدْعو. انتهى من تفسير الطبري.
وقال الشيخ: ابن سعدي ـ رحمه الله: إِلا مَن ظُلِمَ. أي: فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويشتكي منه، ويجهر بالسوء لمن جهر له به، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه، ومع ذلك، فعفوه وعدم مقابلته أولى، كما قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. انتهى من تفسير السعدي.
وأما اذا لم يتحقق المظلوم من ظلم الظالم له، فلا يجوز له الدعاء عليه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني