الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة على فُرُش يُتيقن من وجود نجاسة على إحداها دون تعيينها

السؤال

عندما كنت في مراحل الدراسة قبل سنوات قمت من فراشي أود فتح الدرج, ولم أكن ألبس اللبس الداخلي فنزل مني بول على سجادة غرفتي لم أستطع التحكم به، فقمت بمسحه، ولم أخبر والدتي والعائلة عن ذلك المكان أنه نجس، والمشكلة الآن أنه يوجد خمس شبيهات بتلك السجادة في المنزل، وعند الصيف نقوم بإزالة بعضهن، فأنا الآن لا أعرف أي واحدة منهن قد أصابتها النجاسة, وأنا أعلم المكان, ولكني لا أعرف أي سجادة قد أصبتها، فهل صلاتي مقبولة على هذا السجاد؟ وإن مررت من زاوية المكان الذي قد تبولت عليها, فهل أنجس بالرغم أنني لا أعرف هل هذه السجادة هي التي تبولت عليها أم لا؟
أرجو منكم الإجابة عن سؤالي وعدم إحالته - بارك الله فيكم -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما سيرك على السجادة المتنجسة فلا تنتقل إليك به النجاسة، وفيما إذا كانت السجادة أو رجلك رطبة أو مبتلة فهل تنتقل النجاسة والحال هذه خلاف بين العلماء، وانظري الفتوى رقم: 117811, ورقم: 154941.

وإذا شككت في كون السجادة التي سرت عليها هي المتنجسة أو غيرها لم يحكم بانتقال النجاسة أيضًا لأنه لا يحكم بانتقالها بمجرد الشك, وانظري الفتوى رقم: 128341.

وأما صلاتك على هذه السجادة: فإن كنت تضعين حائلًا تصلين عليه, أو كنت لا تمسين الموضع المتنجس بشيء من أعضائك حال الصلاة فصلاتك صحيحة، قال ابن حجر في تحفة المحتاج : (وَلَا يَضُرُّ نَجِسٌ) يُجَاوِرُ مَحَلَّ صَلَاتِهِ, وَإِنْ كَانَ (يُحَاذِي صَدْرَهُ) أَوْ غَيْرَهُ (فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَوْ غَيْرِهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِعَدَمِ مُلَاقَاتِهِ لَهُ, نَعَمْ تُكْرَهُ صَلَاتُهُ بِإِزَاءِ مُتَنَجِّسٍ فِي إحْدَى جِهَاتِهِ إنْ قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْه. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 101681.

وأما إن كنت تمسين الموضع المتنجس حال صلاتك: فإن صلاتك لا تصح والحال هذه، وإن اشتبهت عين السجادة المتنجسة بغيرها لم تجز لك الصلاة إلا بالتحري، فإن تحريت وصليت على ما غلب على ظنك طهارته فصلاتك صحيحة، وإن هجمت على الصلاة من غير تحر ولم تبسطي شيئًا تصلين عليه فصلاتك تلك غير صحيحة، قال الشيرازي في المهذب: فَإِنْ صَلَّى عَلَى أَرْضٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ فَإِنْ عرف موضعها تجنبها وَصَلَّى فِي غَيْرِهَا, وَإِنْ فَرَشَ عَلَيْهَا شَيْئًا وَصَلَّى عَلَيْهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَاشِرٍ لِلنَّجَاسَةِ, وَلَا حَامِلٍ لِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالنَّجَاسَةِ, وَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي أرض واسعة فصلي في موضع منها جاز؛ لأن الْأَصْلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ, وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي بَيْتٍ وَخَفِيَ مَوْضِعُهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ فيه حتى يَغْسِلَهُ, وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يُصَلِّي فِيهِ حيث شاء كالصحراء, وليس بشيء؛ لِأَنَّ الصَّحْرَاءَ لَا يُمْكِنُ حِفْظُهَا مِنْ النَّجَاسَةِ, وَلَا يُمْكِنُ غَسْلُ جَمِيعِهَا, وَالْبَيْتُ يُمْكِنُ حِفْظُهُ من النجاسة وغسله. انتهى.

وإذا علمت هذا فإن كنت أقدمت على الصلاة المحكوم ببطلانها فالواجب عليك إعادتها، ولبيان كيفية القضاء انظري الفتوى رقم: 70806.

ويكفي الاجتهاد في تعيين السجادة المتنجسة وغسل الموضع المتنجس منها, ولو غسلت ذلك الموضع المعين من السجادات المشتبهة بصب الماء عليه لكان ذلك حسنًا, وارتفع بذلك الحرج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني