السؤال
شاب في الثانية والعشرين من عمره وجد قطعة ذهب في شارع ما، ولم يعرف أنها من الذهب وتركها مهملة حوالي سنة ونصف، فنصحته جدته بالكشف عليها، وبالفعل تم ذلك ووجد أنها من الذهب عيار 21، ووزنها حوالي 40 جراما، فهل من الممكن أن يبيعها ويستغل ذلك في تجهيز زواجه أم لا؟ ولكم جزيل الشكر والاحترام، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت اللقطة ليست من الأشياء التافهة، فإن الواجب أن تعرف سنة قمرية كاملة من وقت التقاطها، ففي الصحيحين عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِي أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا.
قال النووي في شرح هذا الحديث: وأما تعريف سنة: فقد أجمع المسلمون على وجوبه إذا كانت اللقطة ليست تافهة ولا في معنى التافهة ولم يرد حفظها على صاحبها، بل أراد تملكها، ولا بد من تعريفها سنة بالإجماع، فأما إذا لم يرد تملكها، بل أراد حفظها على صاحبها، فهل يلزمه التعريف؟ فيه وجهان لأصحابنا: أحدهما: لا يلزمه، بل إن جاء صاحبها وأثبتها دفعها إليه، وإلا دام حفظها، والثاني ـ وهو الأصح ـ أنه يلزمه التعريف، لئلا تضيع على صاحبها، فإنه لا يعلم أين هي حتى يطلبها، فوجب تعريفها.
فإذا كان هذا الشخص يعلم أن هذه القطعة ذات قيمة ـ ولو لم يعلم أنها قطعة ذهبية ـ فإنه يأثم بذلك إن كان عالما بالنهي، فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى بالندم على ما فعل والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وأما إن ظن أنها تافهة لا قيمة لها فلا إثم عليه.
وقد اختلف العلماء فيما إذا مرت على اللقطة سنة دون أن يعرفها الملتقط، فذهب الحنابلة إلى أن التعريف يسقط بعد مضي السنة الأولى من التقاطها، وذهب المالكية والشافعية إلى أنه يجب عليه أن يعرفها ولو مر عليها سنة دون تعريفها، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: والمعنى أن اللقطة يجب تعريفها سنة من يوم الالتقاط ولو كانت دلواً أو مخلاة وما أشبه ذلك، فلو أخر تعريفها سنة ثم عرفها فهلكت ضمنها. انتهى.
وقال الأنصاري في روض الطالب: ولا يشترط الفور للتعريف، بل المعتبر تعريف سنة متى كان. انتهى.
والراجح أن عليه الآن أن يعلن عنها ويعرفها في مظان وجود صاحبها كالأماكن التي يغلب على الظن علم الناس بها كأبواب المساجد والأسواق والصحف والمجلات، فإذا جاء صاحبها وعرفها فعليه أن يدفعها له، فإذا انقضت السنة ولم يوجد صاحبها جاز للملتقط الانتفاع بها ـ كتجهيز زواجه بها وغيره من وجوه الانتفاع المباحة ـ أو التصدق بها عن نفسه أو عن صاحبها، فإن جاء يوماً من الدهر خيره بين قيمتها وأجر الصدقة إن كان تصدق بها عنه، فإن اختار القيمة دفعها إليه ويكون أجر الصدقة للملتقط، وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 59086، 129583.
والله أعلم.