السؤال
السؤال: أنا شاب أحب طاعة الله، وفي بداية التزامي ـ ولله الحمد ـ ولدي مشكلة أتضايق منها وهي إفشاء السلام: ففي بعض المرات أحس أنني كل ما ذهبت مسافة قصيرة عن أناس ورجعت إليهم أسلم عليهم، أحس أنني أخجل من كثرة السلام، وإذا لم أسلم أتضايق وأحس أن تركي له لا يرضي الله، فهل هذه وسوسة من الشيطان؟ وهل آثم لتركي كثرة السلام؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالالتزام وحب الطاعة، ونسأل الله تعالى لك الثبات، وأما ابتداء السلام: فهو مستحب لا إثم بتركه، مع ما في فعله من الأجر والفوائد العظيمة للفرد والمجتمع، وينبغي أن يكون ذلك رافعا لهذا الخجل ودافعا لنشر هذه السنة، ومما جاء في إفشاء السلام: حديث عبد الله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس: أطعموا الطعام، وأفشوا السلام. الحديث رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال النووي رحمه الله: وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، كما تقدم في الحديث الآخر، والسلام أدل أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة، وفي إنشائه تكمن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين، وقد ذكر البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه عن عمار بن ياسر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار ـ وروى غير البخاري هذا الكلام مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبذل السلام للعالم، والسلام على من عرفت ومن لم تعرف، وإفشاء السلام، كلها بمعنى واحد، وفيها لطيفة أخرى، وهي أنها تتضمن: رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه، ولا يخص أصحابه وأحبابه به. اهـ.
والله أعلم.