الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح للثبات على الاستقامة

السؤال

السؤال طويل فأرجو قراءته: قبل فترة تبت توبة نصوحا لله تعالى وابتعدت عن جميع المحرمات، وعاهدت الله أن أثبت، وفي ليلة من الليالي ابتلاني الله تعالى بالبنت التي أحبها وصارت بيننا علاقة صحبة، وبدأت تخف صلاتي حتى زال خشوعي وانقطعت عن الصلاة، وعدت للتدخين والخروج مع البنات، وفي يوم وليلة كثرت مشاكلنا ـ أنا وتلك البنت ـ وتحولت مشاعر الحب إلى الكراهية، وتغيرت علاقتي مع أفراد عائلتي إلى الأسوأ، وفجأة قررت أن أعود إلى التوبة وإلى الله حتى أوفق وأكمل دراستي الثانوية بتركيز، وأصبحت كل ما أسمع شيئا أو يصير معي شيء أربطه بالدين حتى صار عندي نفور من الدين، وأحس أنني أصلي غصبا عني ـ أستغفر الله ـ وأنه لا فائدة، وكل ما أسمع شيئا دينيا أو أقرأ أحاول أن أخشع فلا أقدر ويصير عندي نفور، وأنني لن أعود إلى الدين، وأن مصيري جهنم ـ والعياذ بالله ـ وبطل عندي الشعور بالخوف من عذاب الله، وأصبحت لا أبالي بشيء، أريد العودة إلى الله، فساعدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ما حصل لك من الغفلة العظيمة إنما هو بسبب استيلاء الشيطان عليك وطاعتك له وتماديك في المخالفة، فعليك أن تبادر بالتوبة النصوح من كل ما ألممت به من الذنوب.

واعلم ـ هداك الله ـ أن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد، ومما يعينك على تحصيل الخشوع والخوف من الله والإقبال على التوبة أن تدمن الفكرة في الموت وما بعده من الأهوال العظام والأمور الجسام، وأن تتمثل موقفك بين يدي ربك تعالى في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، واستحضر عظمة الله سبحانه وأنه شديد العقاب وأنه لا يقوم لغضبه شيء سبحانه وتعالى، واقرأ آيات وأحاديث الوعيد والتخويف من النار فإنها تنصدع لها القلوب السليمة، واصحب أهل الخير فإنهم من أعون الأشياء على الاستقامة، ودع عنك ما يلقيه الشيطان في قلبك من الوساوس وما يفعله من تثقيل العبادة عليك وصدك عنها، بل جاهد نفسك وشيطانك وثق أنك مع المجاهدة ستبلغ ما تريد من طاعة الله، كما قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.

وما تشعر به من ثقل العبادة وصعوبة التدين كل هذا من تزيين الشيطان وتلبيسه عليك وإلا فالحياة الطيبة لا تنال إلا في ظل دوحة التدين الوارفة، فمن أطاع الله وأقبل عليه أحياه الله الحياة الطيبة في دوره الثلاث في الدنيا والبرزخ والآخرة، كما قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}.

ولا تترك الدعاء واللجأ إلى الله تعالى، فإنه لا يثبتك على الاستقامة غيره ولا يأخذ بناصيتك إلى طريق الهداية سواه، نسأل الله أن يهدينا وإياك صراطه المستقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني