السؤال
رجل يملك أرضا ولا يملك مالا لاستثمارها أو بناء بيت عليها، فجاءه مقاول وقال له أبني لك عليها بيتا مواصفاته كذا وكذا، وتكلفة مثله كذا، ويتحمل المقاول جميع تكاليف البناء، على أن يبيعا البيت بعد اكتماله ثم يقتسمان الربح بينهما حسب نسبة كل منهما، فهل هذا النوع من المعاملات جائز؟ ومن أي أنواع العقود هو؟ وهل هو مضاربة؟ أم شركة؟ أم مركب منهما؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه شركة بين طرفين، أحدهما قدم الأرض، والآخر قدم تكلفة البناء مع مباشرته للعمل، والذي قدم الأرض مشاركته ليست بنقد، بل بعرْض، والمشاركة بالعروض غير جائزة عند جماهير العلماء، وهناك رواية عن بعض أهل العلم أنه لا بأس بأن تكون المضاربة على عروض، ثم تقوم العروض بالنقد، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 72823.
فإذا أخذنا بجواز المشاركة بالعروض، فلابد من تقييم الأرض لمعرفة نصيب صاحب الأرض من المشاركة، وتكون هذه الصورة مضاربة فيها شركة، يقول ابن قدامة رحمه الله: وأما المضاربة التي فيها شركة وهي أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما, مثل أن يخرج كل واحد منهما ألفا, ويأذن أحدهما للآخر في التجارة بهما, فمهما شرطا للعامل من الربح إذا زاد على النصف, جاز، لأنه مضارب لصاحبه في ألف, ولعامل المضاربة ما اتفقا عليه بغير خلاف، وإن شرطا له دون نصف الربح لم يجز، لأن الربح يستحق بمال وعمل, وهذا الجزء الزائد على النصف المشروط لغير العامل لا مقابل له, فبطل شرطه، وإن جعلا الربح بينهما نصفين, فليس هذا شركة, ولا مضاربة، لأن شركة العنان تقتضي أن يشتركا في المال والعمل, والمضاربة تقتضي أن للعامل نصيبا من الربح في مقابلة عمله, ولم يجعلا له هاهنا في مقابلة عمله شيئا، وإنما جعلا الربح على قدر المالين, وعمله في نصيب صاحبه تبرع, فيكون ذلك إبضاعا, وهو جائز. اهـ
والإبضاع هو: إعطاء مال لمن يتجر به تبرعا, والربح كله لرب المال، وفي الصورة محل السؤال الربح يقسم على أساس نسبة كل من الشريكين في رأس المال، وبالتالي فهي إبضاع، لأن المقاول عمل في نصيب صاحب الأرض دون أن يأخذ ربحا مقابل ذلك، وعلى أي حال فهذه الصورة من المشاركات الجائزة فيما يظهر ـ إذا قلنا بجواز المشاركة بالعروض ـ والأصل في المعاملات الحل.
والله أعلم.