الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تستعصي بعض أنواع المس على الشفاء بالرقية؟

السؤال

هل هناك أنواع من المس مستعصية على العلاج، ولا يتأثر فيها الجن بالتلاوة والرقية؟ فقد سمعت أن أحد الرقاة عندما رأى أحد المرضى، اعتذر عن علاجه؛ لأنه مصاب بمس مستعصٍ، لا يقدر على علاجه، فهل هذا صحيح؟ أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن القرآن فيه شفاء للمس -بإذن الله تعالى-، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57}، وقال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء:82}.

ولكن الرقاة يختلفون، فقد يكون بعضهم ضعيفًا في عمل الرقية، فيصعب عليه العلاج أحيانًا، كما هو حال الناس في استجابة دعائهم وعدمه.

وقد مثّل ابن القيم ـ رحمه الله ـ الدعاء بالسيف، وذكر أن قوة تأثير الدعاء بحسب قوة إيمان الداعي، كما أن تأثير ضربة السيف بحسب قوة ساعد الضارب، وهكذا القرآن إذا تعالج به العبد، أو رقى غيره مع قوة إيمان، واعتقاد، وبُعد عن المعاصي، كان له الأثر العظيم في العلاج ـ بإذن الله تعالى ـ، وقد قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه: زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهّل ولا يوفّق للاستشفاء به.

وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق، وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدًا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها؟!!

فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان، إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهمًا في كتابه، قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {العنكبوت:51}. فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن، فلا كفاه الله. انتهى كلامه -رحمه الله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني