السؤال
الوالد ـ حفظه الله ـ تأتيه حالة شبه سنوية يخرج فيها عن المعروف عنه، فيكون سريع الغضب، ويتشاجر كثيرا، وينفعل لأقل حديث، ذهبنا به إلى القرَّاء فقالوا لنا إنه ممسوس، وحصل أن تحدثوا مع القارئ بحضورنا وطلب منهم الخروج منه ووعدوه بالخروج، ومن ثم عادوا، وهذه الحادثة حصلت السنة الماضية وعادوا إليه هذه السنة، يذهب للبقالة القريبة منا ويشتري بالدين دون أن يدفع لهم فلوسا، ويطلب سيارات أجرة ويركب معهم دون إعطائهم فلوسا، ويخرج بالعنوة من البيت وأي أحد يكلمه ينفر منه ويضرب بأي شيء بيده، والوالدة ـ حفظها الله ـ كلمت أصحاب البقالة وقالت لهم لا تعطوه أي شيء إلا إذا أعطاكم فلوسا، وكلمت أصحاب التاكسي وقالت إذا كلمكم زوجي لا تردوا عليه، ولما علم بذلك قال لها أنت طالق 60 ألف مرة، أنت طالق، أنت حرام علي مثل ما حرمت الكعبة على اليهود، والآن أموره مستقرة، ولا ندري حكم هذا الطلاق، والوالدة الآن لا تجلس معه وتتغطى عنه، وأعمارهم فوق 79 تقريبا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العقل مناط التكليف، فإذا فُقِد العقل سقط عن المرء أهلية التكليف، روى أبو داود في سننه عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم.
فإذا كان الحال قد وصل بأبيك إلى أنه يتصرف وهو مغلوب على عقله بسبب المس، أو السن، فهو غير مؤاخذ، فإذا تلفظ بهذا الطلاق وهو في تلك الحال لم يقع طلاقه، جاء في المدونة للإمام مالك: وقال يحيى بن سعيد: ما نعلم على مجنون طلاقا في جنونه، ولا مريض مغمور لا يعقل، إلا أن المجنون إذا كان يصح من ذلك ويرد إليه عقله، فإنه إذا عقل وصح جاز عليه أمره كله، كما يجوز على الصحيح. اهـ.
وفي كتاب الأم للإمام الشافعي: ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة، أو يحتلم قبلها, ولا طلاق المعتوه، ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه، وإن طلق في حال صحته جاز. اهـ.
ونوصي بالاستمرار في الرقية الشرعية، وأن ينصح هذا الأب، حال عقله، بالحرص على الطاعات واجتناب المعاصي والسيئات، والمحافظة على تلاوة القرآن وترداد الأذكار وخاصة أذكار الصباح والمساء.
والله أعلم.