الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وأربعة أبناء ووهب بعضهم ووعد الآخرين بالهبة

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
ـ للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد 4
ـ للميت ورثة من النساء:
(زوجة) العدد 1
ـ إضافات أخرى: قبل وفاة أبي بسنة أو أكثر تقريبا اجتمع بجميع الأبناء وقال لنا: لقد ساعدتكم في زواجكم، كما يلي:
الأخ الأول: لقد أخذت خمسين ألف جنيه وأجهزة كهربائية بما يقرب سبعة آلاف جنيه.
الأخ الثاني: لقد أخذت خمسين ألف جنيه وأجهزة كهربائية بما يقرب سبعة آلاف جنيه.
ألأخ الثالث: لقد أخذت أجهزة كهربائية بما يقرب سبعة آلاف جنيه فقط، فلك عندي خمسون ألف جنيه كإخوتك.
الأخ الرابع: لقد أخذت ثلاثين ألف جنيه فقط، ولك عندي سبعة وعشرون ألف جنيه.
حتى تتساوا جميعا.
وكلنا نذكر هذا الاجتماع وكلنا نشهد عليه، وأبي لم يكتب ما سبق، السؤال هو: هل يجب علينا دفع ما سبق ذكره؟ أم ما دام غير مكتوب فهو لغو ولا يجب أن ينفذ؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على عدم وجوب العدل في العطية وأنه مستحب فقط، خلافا للحنابلة القائلين بوجوب العدل بين الأولاد في الهبة إلا لسبب يقتضي المفاضلة ـ ككثرة عيال، أو مرض، أو نحو ذلك ـ وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 6242، رجحان مذهب الحنابلة ومن وافقهم.
وعلى هذا، فما قام به والدكم ـ رحمه الله تعالى ـ من عدم التسوية بين أولاده في العطية أمر غير مشروع إن كان لغير سبب شرعي، وبخصوص ما قاله والدك لابنه الثالث: لك عندي خمسون ألف جنيه كإخوتك ـ وقوله لابنه الرابع: لك عندي سبعة وعشرين ألفا جنيه، حتى تتساوا جميعا ـ لا يعتبر هبة شرعية ولا يدل على التمليك، فالهبة لابد لها من صيغة مفيدة للتمليك جاء في الموسوعة الفقهية: يصح إيجاب الواهب بلفظ: وهبتك هذا الشيء أو ما يفيد معناه في إفادة التمليك بلا ثمن، كقوله: أعطيتك هذا الشيء، أو نحلته لك، أو أهديتكه، أو أطعمتك هذا الطعام، أو غير ذلك مما يراد به الهبة، وهذا باتفاق. انتهى.

وعلى هذا، فإذا كان والدك قد خص الولد الأول والثاني بهبة خمسين ألف وما معها من أجهزة لسبب يقتضي ذلك ـ ككثرة عيال أو مرض أو غير ذلك من الأسباب المشروعة ـ فهذا جائز, ولا يحق لباقي الإخوة مطالبتهما بهذه الهبة، وراجع الفتوى رقم: 115509.

وإن كانت هذه الهبة لغير سبب شرعي, فهذا من قبيل عدم العدل بين الأولاد، وهومحرم على القول الراجح ـ مذهب الحنابلة ـ كما سبق، لكن مذهب الحنابلة أن هذه الهبة تمضي إذا مات الأب قبل التسوية، وقال شيخ الإسلام تنقض الهبة ويجب العدل فيها ولو بعد موت الواهب، وعلى هذا القول فيجب على الأخ الأول والثاني رد ما زاد على نصيبهما من الهبة للأخوين الباقيين، وراجع الفتويين رقم: 161261، ورقم: 126473.

وعلى كل، فتركة هذا الميت تقسم على اثنين وثلاثين سهما، لزوجته ثمنها ـ أربعة أسهم ـ لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ {النساء:12}.

ولكل واحد من الأبناء سبعة أسهم.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني