السؤال
أنا فتاة من سوريا، عمري 28 سنة. خطبني شخص مناسب من الناحية العلمية، والمادية، وقد أعلمني من قبل أنه أحيانا لا يصوم في رمضان، ويشرب القليل من الخمر. ولكني قررت أن أغير له هذه العادات السيئة، ولكنه يعيش في بلغاريا، ويريدني أن أخلع الحجاب بسبب نظرة الأجانب في بلغاريا، ومضايقتهم للمحجبات.
هل من الممكن أن أخلع حجابي من أجل هذه الخطبة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحجاب فريضة كتبها الله على المسلمات، فيجب على المرأة الالتزام به، وقد بينا أدلة وجوب الحجاب في الفتويين: 5561، 43165 . فلا يجوز لك خلع الحجاب لرغبة الخاطب بذلك إطلاقا.
واعلمي أن من يترك صوم مضان، ويشرب الخمر، ويريد منك خلع الحجاب، لا ينبغي قبوله زوجا، إن لم يتب من ذلك؛ فإن العلماء قد اختلفوا في حكم قبول الفاسق زوجا.
ففي حاشية الدسوقي المالكي: وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا نَقَلَهُ ح وَغَيْرُهُ، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ، مَنْعُ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً, وَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلا لِلْوَلِيِّ الرِّضَا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ; لأَنَّ مُخَالَطَةَ الْفَاسِقِ مَمْنُوعَةٌ، وَهَجْرُهُ وَاجِبٌ شَرْعًا. فَكَيْفَ بِخُلْطَةِ النِّكَاحِ! فَإِذَا وَقَعَ، وَنَزَلَ وَتَزَوَّجَهَا. فَفِي الْعَقْدِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: لُزُومُ فَسْخِهِ؛ لِفَسَادِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ، وَابْنِ بَشِيرٍ، وَابْنِ فَرْحُونٍ، وَابْنُ سَلْمُونٍ. الثَّانِي: أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. الثَّالِثُ -لأَصْبَغَ - : إنْ كَانَ لا يُؤْمَنُ مِنْهُ رَدَّهُ الإِمَامُ, وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ. وَظَاهِرُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْقَوْلَ الأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ. اهـ.
وجمهور العلماء على جواز قبول الفاسق زوجا، فقد ذكروا أن من خصال الكفاءة: الدين، وجعلوا الكفاءة شرطا للزوم النكاح وليست شرطا لصحته، فهي عندهم حق للمرأة والولي، ولهما إسقاطه، وليست حقا لله.
جاء في شرح المنهج من كتب الشافعية: (فصل) في الكفاءة المعتبرة في النكاح لا لصحته، بل لأنها حق للمرأة، والولي فلهما إسقاطها لو (زوجها غير كفء برضاها، ولي منفرد أو (أقرب) كأب وأخ (أو بعض) أولياء (مستوين) كإخوة، وأعمام (رضي باقوهم صح) لتركهم حقهم.
قال الجمل في حاشيته: ( قَوْلُهُ صَحَّ ) أَيْ التَّزْوِيجُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلامِ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً مِنْ فَاسِقٍ، إلا لِرِيبَةٍ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ تَزْوِيجِهَا لَهُ، كَأَنْ خِيفَ زِنَاهُ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا، أَوْ يُسَلِّطُ فَاجِرًا عَلَيْهَا. اهـ.
وقال ابن هبيرة: واختلفوا في قيد الكفاءة، هل يورد في إبطال النكاح؟ فقال أبو حنيفة: فقد الكفاءة يوجب للأولياء حق الاعتراض. وقال مالك: لا يبطل النكاح فقدها. وعن الشافعي قولان: الجديد منهما: أنه يبطل النكاح عدمها. والقديم: لا يبطل. وعن أحمد روايتان، أظهرهما: أنه يبطل النكاح فقدها. والآخر: لا يبطله فقدها، وتقف على إجازة الأولياء واعتراضهم. اهـ.
وراجعي الفتوى رقم: 131824 .
وننصحك بالإعراض عن خطبة من كان هذا حاله إن لم يتب، واعلمي أنك إن صدقت الله في الابتعاد عنه، فسيرزقك الله خيرا منه، كما جاء في الحديث: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. رواه أحمد، وصححه الألباني.
والله أعلم.