السؤال
قرأت أنه يجب تعيين نية الصلاة فورا قبل القيام بأي عمل في الصلاة إذا حصل شك هل هي ظهر أو عصر مثلا، حصل معي أنني توقفت عند منتصف كلمة ما ـ أي قبل أن تنتهي البسملة ـ وعند قول سمع الله لمن حمده توقفت عن الحركة قبل أن أستقيم في الوقوف عند القيام من الركوع، وأخاف أن يعتبر الزمن الذي حصل فيه هذا التوقف طويلا نسبيا إذا أخذ بضع ثوان، فهل ما قمت به هو المطلوب؟ أم أنني أخطأت؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شك في أثناء صلاته هل نوى ظهرا أو عصرا فقد سبق القول فيما يجب عليه فعله في الفتوى رقم: 131461
ومفادها كالتالي: قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكره للخلاف في هل الشك بنفسه مبطل أم لا؟ وقال جدي ـ أبو البركات: ما فعل مع الشك، كما فعل بغير نية، فلا يعتد به ويكون زيادة في الصلاة، فإذا كان مما لا تبطل الصلاة زيادته كالقراءة والتسبيح فله أن يبني على ما قبله، وإن كان مما يبطل الصلاة زيادته كالركوع والسجود بطلت به، وإذا شك هل أحرم بنفل أو فرض؟ أتمها نفلا، إلا أن يذكر أنه نوى الفرض قبل أن يحدث عملا، وإن ذكره بعد عمل أخذ فيه، فعلى الوجهين، وإن شك هل أحرم بظهر أو عصر؟ فهل هو كما لو شك في أصل النية، أو في نية الفرض على الوجهين؟. انتهى.
وتطبيق ذلك على سؤالك، أن العمل مع الشك إذا كان قولاً فلا بأس، والصلاة صحيحة، وأما في الأفعال كالرفع من الركوع، فلا بد من قطع الشك قبل الرفع، فإن رفعت من الركوع مع الشك بطلت صلاتك، وأما إن كنت رفعت من الركوع، بحيث فارقت حد الراكعين ـ لا تصل يداك إلى ركبتيك ـ فحكمك حكم الذي استوى بعد الركوع، فلا تتحركي حتى تقطعي الشك، فإن تحركت للسجود مع الشك، بطلت الصلاة، قال في الإقناع في صفة الركوع: وقدر الأجزاء انحناؤه بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه نصا إذا كان وسطا من الناس لا طويل اليدين ولا قصيرهما وقدره في حقهما، قال المجد: بحيث يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل.
وأما الوقت الذي يتوقف فيه ليتذكر: فلا يُؤثر في بطلان الصلاة، كما في الصحيحين عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب، فليتم عليه...
نقل ابن بطال في شرحه: قال ابن القصار: ... التحري عندنا هو القصد إلى الصواب وطلبه.
وأما إذا كان الشك بعد الصلاة، فلا عبرة به، وكذا إذا تكرر كثيراً، قال العثيمين في منظومته:
والشَّكُّ بعد الفعل لا يؤثِّرُ وهكذا إِذا الشُّكوكُ تكثُر.
فإذا تكرر كثيراً فهو وسوسة لا التفات إليها، فلنحذر من الوساوس والاسترسال معها، فمن كان مصابا بالوسوسة فليعرض عن هذا الوسواس ولا يعره اهتماما، ولتنظر الفتوى رقم: 134196.
والله أعلم.