السؤال
إذا طلبت العلم وتعلمت القرآن لوجه الله تعالى، ثم تمنيت أن أنتقل إلى مسجد كبير، أو شاشة التلفاز لأعلم الناس دينهم، فهل أنا مراء؟
فأنا أقول إن لم أكن مرائيا فلماذا أريد أن أنتقل إلى مسجد كبير، أو شاشة التلفاز؟ وأيضا أتمنى أن يعرفني الناس، وهذه فطرة طبيعية،
وهذا في بعض الأحيان يدفعني للتكاسل لكي لا أكون مرائيا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يحرص ويجاهد نفسه على أن يكون كل عمل يقوم به خالصا لله تعالى وحده لا يخالطه شيء من الرياء، ويتأكد ذلك في طلب العلم وتعليمه والدعوة إلى الله تعالى، وحديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم جهنم معروف ومشهور رواه مسلم وغيره، والإخلاص: أن يقصد العبد بعمله وجه الله تعالى، والرياء أن يقصد به غير الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 10992.
وما دمت قد أخلصت لله تعالى في طلب العلم وتعلم القرآن فلتبشر بخير، وتستمر على ذلك في كل أعمالك، وإذا كانت أمنيتك المذكورة بقصد طلب الظهور وحب الشهرة فهذا عين الرياء ـ نعيذك بالله منه ـ ويجب أن تمحوه من تفكيرك وتجاهد نفسك على تركه، وإن كان بقصد إفادة الناس أو تعليم أكبر عدد منهم، أو ما أشبه ذلك فإنه لا يعتبر رياء، بل تؤجر عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ ولا ينبغي لك أن تتكاسل عن الأعمال الصالحة، أو تتركها بحجة الخوف من الرياء، فهذا من تلبيس إبليس ليصد به المسلم عن فعل الخير والعمل الصالح، فقد قال الفضيل بن عياض كما في شعب الإيمان: تَرْكُ الْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَكَ اللهُ منْهُمَا. اهـ
كما أن تمنيك أن يعرفك الناس ليس بمجرده رياء، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب تولي المناصب سعيا من الشخص في تشهير علمه لينتفع به الناس، قال خليل: وندب ليشهر علمه ـ قال الخرشي: والمعنى أنه يستحب طلب القضاء إذا كان عالماً خفي علمه على الناس فأراد أن يشهره بالقضاء ليعلم الجاهل ويرشد المستفتي. اهـ
وقد قال الشاعر:
إذا أنت لم يشهرك علمك لم تجد * لعلمك مخلوقاً من الناس يقبله
وإن صانك العلم الذي قد حملته * أتاك له من يجتنيه ويحمله.
وانظر الفتوى رقم: 30366.
والله أعلم.