السؤال
توفي زوجي وتركني وابني ـ وعمره شهر ـ ولنا معاش، ونعيش في بيت أبي مع أخي ـ وعمره 23 عاما ـ وأمي ليست مقيمة هنا دائما وشاء الله أن أعيش مع أخي اضطرارا، لأنني أرملة لا يصح أن أعيش وحدي أنا وابني، ولأن زوج أمي هو من يدفع إيجار هذه الشقة لأن أخي متكاسل جدا عن البحث عن عمل، فإنهم يلزمونني بالصرف على طعامه وشرابه من معاشي أنا وابني، ونسبتي في هذا المعاش ضئيلة جدا أقل من أن تكفيني، وألجأ للمعاش المخصص لابني، فماذا أفعل؟ فإذا رفضت الصرف عليه فسأضطر أن أبحث عن مكان أعيش فيه مع ابني وحدنا، وإذا قبلت، فهل سأكون آكلة لمال اليتيم ومفرطة فيه؟ علما بأنني أقتطع جزءا من المعاش لعمل جمعية لابني لأحفظ له ماله، وأخي لا تنفع معه النصيحة، فهو بين النت والتليفزيون والنوم، ومحاولاتي معه تسبب لي المشاكل، ومن الممكن أن يرفع يده عني، ومصاريف البيت وفواتير الكهرباء والسلف لم يرد منها شيئا، ولا أفكر في الزواج بعد زوجي، وأسأل الله أن يجمعني به في الجنة على خير، ولا أعمل، لأنني لا أجد من يجلس مع ابني، فهل علي إثم إذا كان طعامي يحتاج لأكثر من نسبيي في المعاش مع أنني لا أشتري لنفسي شيئا من ملابس أو غيرها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يجبر مصابك، وأن يفرج همك، وأن يعينك على ما ابتُليت به، واعلمي أنه لا تلزمك النفقة على أخيك إن كنت غير قاردة على الإنفاق عليه، فالنفقة يشترط لوجوبها أن يكون المنفِق غنيا، وكذلك لا تجب النفقة على أخيك ـ ولو كنت قادرة على الإنفاق عليه ـ ما دام قادرا على الاكتساب والعمل وتركه تكاسلا منه، قال ابن قدامة في المغني: يشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكونوا فقراء، لا مال لهم، ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال، أو كسب يستغنون به، فلا نفقة لهم، لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة.
الثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم، فاضلا عن نفقة نفسه، إما من ماله، وإما من كسبه، فأما من لا يفضل عنه شيء، فليس عليه شيء، لما روى جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم فقيرا، فليبدأ بنفسه، فإن فضل، فعلى عياله، فإن كان فضل فعلى قرابته ـ وفي لفظ: ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول ـ حديث صحيح، وروى أبو هريرة: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أبصر ـ رواه أبو داود ولأنها مواساة، فلا تجب على المحتاج، كالزكاة. اهـ.
وقد سئل ابن تيمية: عن رجل له ولد، وطلب منه ما يمونه؟ فأجاب: إذا كان موسرا وأبوه محتاجا فعليه أن يعطيه تمام كفايته، وكذلك إخوته إذا كانوا عاجزين عن الكسب: فعليه أن ينفق عليهم إذا كان قادرا على ذلك. اهـ.
فاشترط لوجوب النفقة عجر المنفَق عليه عن الكسب، فمن الظلم أن تلزمك والدتك وزوجها بالإنفاق على أخيك ولا يلزمك ذلك شرعا.
ولا حرج عليك في أن تأكلي من مال ابنك اليتيم، لا سيما في حال حاجتك، لما جاء في سنن أبي داود عن عمارة بن عمير، عن عمته: أنها سألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ في حجري يتيم أفآكل من ماله؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه. صححه الألباني.
وسئل الشيخ صالح الفوزان: سمعت من بعض النساء بأن للأم أن تسبي ابنها سبع سبيات ـ أي : تأخذ من ماله بدون علمه ـ فما مدى صحة هذا القول ؟ فأجاب: للوالد أن يأخذ من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه، لقوله صلى الله عليه وسلم : إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم ـ وقوله : أنت ومالك لأبيك ـ وهذا في حق الأب لا شك فيه، وكذلك في حقّ الأم، لأنها كالأب على الصحيح، تأخذ من مال ولدها ما تنتفع به، وتسد به حاجتها، ما لم يكن بذلك إضرار على الولد، أو أن تتعلق به حاجة الولد .اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 38993.
والله أعلم.