السؤال
مشايخنا الكرام: توجد لعبة عبارة عن ميدان يجتمع فيه فريقان بلبس دروع للصدر والوجه ويأخذ كل منهم سلاحا به كرات صغيرة، وكلا الفريقين يطلقون على بعض، فمن يضع الراية قبل الآخر دون إصابة هو المنتصر وكأنها حرب، وهذه الكرات تؤلم وقد تخدش اليد، وهناك من يقول إنها داخلة في الإعداد للمسلم حتى يقوى قلبه ويتعلم المناورة، وهي مثل الألعاب القتالية كالكراتيه، وآخر يقول إنها لا تجوز، لأنها تؤلم وفيها تصويب على أخيك المسلم، نريد معرفه حكم هذه اللعبة، أفيدونا مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل عند جمهور العلماء إباحة المسابقات التي بغير عوض، خلافا للحنفية، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الأصل أنه تجوز المسابقة بغير عوض كالمسابقة على الأقدام وبالسفن والطيور والبغال والحمير والفيلة والمزاريق، ويستثنى من هذا الأصل بعض الصور، وتجوز المصارعة ورفع الحجر ليعرف الأشد، وغير ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر مع عائشة فسابقته على رجلها فسبقته، قالت: فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك ـ وسابق سلمة بن الأكوع رجلا من الأنصار بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم ذي قرد، وصارع النبي صلى الله عليه وسلم ركانة فصرعه، ومر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم يربعون حجرا ـ يعني يرفعونه ـ ليعرفوا الأشد منهم، فلم ينكر عليهم، وسائر المسابقة يقاس على هذا, هذا مذهب الجمهور، وذهب الحنفية إلى أن شرط جواز السباق أن يكون في الأنواع الأربعة: الحافر، والخف، والنصل والقدم، لا في غيرها، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا سبق إلا في نصل، أو خف أو حافر ـ إلا أنه زيد عليه السبق في القدم، لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ ففيما وراءه بقي على أصل النفي. اهـ.
فإذا كانت هذه اللعبة لا تلحق ضررا بأحد الطرفين وكان ما فيها من ألم شيء يسير معتاد من جنس ما يوجد في بقية الألعاب المباحة، فلا حرج فيها، وأما إذا كان في هذه اللعبة ضرر ظاهر يلحق اللاعبين ككسر عضو، أو تلفه فهي محرمة لا تجوز، لأن إلحاق الضرر بالنفس، أو بالغير ممنوع في الشرع، يقول الدكتور وهبة الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته: فإن لم يكن في الملاكمة، أو المصارعة ضرر بأحد الطرفين كانت مباحة، وكذلك تباح إن كان فيها تعويد الإنسان على القوة والقتال والدفاع عن النفس، وقد صارع رسول الله صلّى الله عليه وسلم رُكانة وغلبه. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 4336، ورقم: 130472.
والله أعلم.