السؤال
عندي أمر شغل بالي كثيرًا, وأظن أني حملت منه ذنوبًا كثيرة, ألا وهو أني سننت سنة سيئة للدخول إلى المواقع المحجوبة, وأخبرت بذلك بعض الزملاء, وصاروا يعتمدون على تلك الطريقة للدخول إلى المواقع الإباحية, مع العلم أني نادم, وأريد التوبة النصوح, فهل لي من توبة؟ وفضلًا لا أمرًا أتمنى أن تجيبوني بالجواب الحكيم - جزاكم الله الخير الكثير -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نعم لك توبة! ومن يحول بينك وبين التوبة؟! فمهما أذنب العبد ومهما فعل من المعاصي، ثم رجع إلى ربه تائبًا نادمًا منيبًا, فإن الله تعالى يقبل توبته ويغفر ذنبه؛ بل ويبدل سيئاته حسنات! وذلك إذا اجتمعت في التوبة شروط قبولها، وكانت قبل الغرغرة، قال تعـالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال أيضًا: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {النساء:18،17}، وهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ لِكُلِّ مَنْ عَمِلَ ذَنْبًا، قال مجاهد: كل من عصى الله خطأً أو عمدًا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب.
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله تعالى عنهما - أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» رواه الترمذي, وابن ماجه.
وقد أمر الله تعالى عباده بالتوبة, فقال عز من قائل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}، وقال تعالى مرغبًا عباده في التوبة: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {التوبة:104}، وقال أيضًا: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}, ولمزيد فائدة انظر الفتوى رقم: 31560.
وأما بخصوص الأشخاص الذين تسببت في دلالتهم على الطريق التي يعصى بها الله, فإن عليك نصحهم وإرشادهم وتخويفهم بالله ما استطعت لذلك سبيلًا، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وانظر الفتوى رقم: 94169.
والله أعلم.