الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطأ المفاضلة بين عقوق الوالدين والزنا

السؤال

إذا كان الشخص يعاني من معاصٍ كبرى, وصراع ثلاثي صرف, كالمثلية الجنسية, وعقوق الوالدين, وقطع الرحم, وذلك بسبب معرفة أسرته بمشكلته المثلية الجنسية وتبعاتها, فهل هناك معاصٍ أعظم عذابًا وأوجب بالترك من المعاصي الأخرى؟ وأيهما أكبر عقوق الوالدين أم قطع الرحم أم ممارسة المثلية الجنسية؟ وإذا كان الطبيب النفسي المتخصص - وهو من ديانة نصرانية - يناشد الشخص بتنمية شخصيته, وعدم الانصياع للأوامر والكلمات السلبية التي تحطم من شخصيته, وكما تعرفون فإن مشكلة المثلية الجنسية هي مشكلة تراكمية لنقص في نمو الشخصية منذ الطفولة, وإذا وضعتهم بميزان: (عقوق الوالدين وقطع الرحم) مقابل التوقف عن الممارسة الجنسية المثلية, فهل يمكن لشخص أن يقطع رحمه ويعق والديه في فترة العلاج إذا كان ذلك يمنعه من ممارسة المثلية الجنسية؟ علمًا أن فترة العلاج قد تطول لسنة أو سنتين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن يعافيك مما ذكرت.
واعلم أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر, كما في الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا قالوا: بلى, يا رسول الله, قال: الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وجلس وكان متكئًا, فقال: ألا وقول الزور, قال: فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
وعقوق الوالدين من أشد أنواع قطع الرحم؛ لكون الوالدين أحق الناس بحسن الصحبة, وانظر الفتوى رقم: 78838، والفتوى رقم: 98963.
وأما الفاحشة فهي أيضًا من أعظم الذنوب.
وإذا كان الأمر كذلك فلا يسوغ لك المفاضلة بين عقوق الوالدين والزنا بغرض ارتكاب أحدهما، فعليك بالاستمرار في طلب العلاج ومراجعة متخصصين ثقات، والاهتمام بتنمية شخصيتك بوسائل مباحة، لا بعقوق الوالدين, وتقطيع الأرحام.

وإذا كان والداك وذوو رحمك على علم بحالك، فيمكنك إرشادهم ليساعدوك في العلاج، كأن تشرح لهم مباشرة, أو عن طريق أحد الأخيار أهمية مراعاة حالتك أثناء تعاملهم معك ومخاطبتهم إياك.
وعليك أيضًا بمجاهدة نفسك, وقطعها عن التعلق بهذا الذنب الخبيث, من قبل أن يدهمك الموت فتندم وقت لا ينفع الندم.

واعلم أن كثيرًا من التائبين قبل توبتهم وإنابتهم كانوا يظنون أن التوبة مما هم عليه من الذنوب مستحيلة، لكنهم مع الاستعانة بالله, والتوكل عليه استطاعوا أن يقهروا الشيطان, فاستعن بالله, وادعه بذل وإلحاح أن يعينك على التوبة, وأن يتقبلها منك.

ومن أهم ما يدعى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى, والتقى, والعفاف, والغنى. والدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له:يا رسول الله؛ علمني دعاء أنتفع به، قال: قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي, وبصري, وقلبي, ومنيي. ـ يعني فرجه ـ رواه أحمد, وأصحاب السنن, وصححه الألباني.

ودعاء الخروج من المنزل الذي أخرجه أبو داود, وغيره, وصححه الألباني، واللفظ لأبي داود: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله, توكلت على الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, يقال حينئذ: هديت, وكفيت, ووُقيت, وتنحى عنه الشيطان.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى: 57110،6872 ، 56002 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني