السؤال
حلفت على زوجتي يمين ظهار إذا خرجت من الشقة دون إذني, وذات يوم كنا متشاحنين, فعندما استأذنتني للصعود إلى أختها التي تسكن في الدور الأعلى مني مباشرة قلت لها: "مليش دعوة بحد" فخرجت ونزلت مرة أخرى, وكنت داخل الشقة, وخرجت مرة أخرى ظنًّا منها بأني أذنت بكلمة: "مليش دعوة بحد" وأني سمعتها وهي تدخل وتخرج مرة أخرى, ولم أقل لها شيئًا, فهل يقع اليمين أم لا؟ مع العلم أنها حزنت لذلك, وقالت: "والله لو أعلم أن اليمين سيقع ما كنت خرجت".
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّ الظهار المعلق يحصل به الظهار عند حصول المعلق عليه، وانظر الفتوى رقم: 96970.
ويرى بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن الطلاق أو الظهار المعلق الذي لا يقصد به إيقاع الطلاق أو الظهار وإنما يراد به المنع, أو الحث, أو التأكيد، يرى أن حكمه حكم اليمين بالله، فعند الحنث تلزم الحالف كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, ومن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، قال الرحيباني الحنبلي - رحمه الله -: اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي رِسَالَتِهِ "لَمْحَةُ الْمُخْتَطِفِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْحَلِفِ" وَغَيْرِهَا لَا وُقُوعَ فِي الْحَلِفِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ كَظِهَارٍ، وَعِتْقٍ، بَلْ يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وإذا فعلت الزوجة المعلق عليه متأولة, أو ناسية, أو جاهلة، ففي وقوع الحنث بذلك خلاف بين أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا، أَوْ مُتَأَوِّلًا، أَوْ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ، وَزَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، أَوْ حَلَفَ يَعْتَقِدُهُ بِصِفَةٍ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهَا، فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى.
وقال البهوتي الحنبلي: فمن حلف على زوجته أو نحوها لا تدخل دارًا فدخلتها مكرهة لم يحنث مطلقًا، وإن دخلتها جاهلة أو ناسية فعلى التفصيل السابق فلا يحنث في غير طلاق وعتاق, وفيهما الروايتان.
وقال ابن القيم: فَإِنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُتَأَوِّلًا مُقَلِّدًا ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ، فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ مِنْ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي.
فعلى هذا القول: لا يلزمك شيء بخروج زوجتك من الشقة متأولة كلامك على أنه إذن لها بالخروج.
وننبّه السائل إلى أن الحلف المشروع إنما يكون بالله تعالى، أما الحلف بالظهار ونحوه فغير مشروع، قال تعالى : وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {المجادلة: 2}.
والله أعلم.