السؤال
أنا مصاب بالوسواس القهري ولدي اعتقاد بأن كل ما أقوله قد يكفرني، وسؤالي هو: ما حكم الانزعاج من الوالدين والاستهزاء بهما إذا أمراني بالنوم، أو الاستيقاظ المبكر والاستهزاء بالمطاعم التي تغلق مبكراً؟ وهل يعد ذلك استهزاء بسنة النوم المبكر؟.
أنا مصاب بالوسواس القهري ولدي اعتقاد بأن كل ما أقوله قد يكفرني، وسؤالي هو: ما حكم الانزعاج من الوالدين والاستهزاء بهما إذا أمراني بالنوم، أو الاستيقاظ المبكر والاستهزاء بالمطاعم التي تغلق مبكراً؟ وهل يعد ذلك استهزاء بسنة النوم المبكر؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا الانزعاج والاستهزاء المذكور من الاستهزاء بالسنة، وعليك أن تعالج نفسك من هذه الوساوس بالإعراض الكلي عنها وإكثار الدعاء أن يصرفها عنك، وبشغل نفسك بما ينفع من تعلم علم نافع وعمل صالح، أو عمل مثمر وخدمة للمجتمع، أو تسلية، أو رياضة مباحة، وبعدم الانفراد وحدك، وصحبة الأخيار، وعليك بالاستعاذة بالله من اشيطان وبالتوكل على الله، فإنه نعم الوكيل، وقد قال الله عن الشيطان الرجيم: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {النحل: 99}.
قال الشيخ السعدي رحمه الله: فالطريق إلى السلامة من شره الالتجاء إلى الله، والاستعاذة من شره، فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، متدبرا لمعناها، معتمدا بقلبه على الله في صرفه عنه، مجتهدا في دفع وسواسه وأفكاره الرديئة مجتهدا على السبب الأقوى في دفعه وهو التحلي بحلية الإيمان والتوكل، فإن الشيطان لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ أي: تسلط عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ وحده لا شريك له يَتَوَكَّلُونَ، فيدفع الله عن المؤمنين المتوكلين عليه شر الشيطان، ولا يبقى له عليهم سبيل. اهـ.
ثم إنه يحرم الاستهزاء بالوالدين ويجب البعد عن أي قول، أو فعل يؤذيهما، فقد أمرنا الله بمخاطبة الوالدين بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، ونهى عن زجرهما وإغلاظ القول لهما، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا { الإسراء:23ـ24}.
ومعنى: فلا تقل لهما أف ـ فلا تؤفف من شيء تراه من أحدهما، أو منهما مما يتأذى به الناس، ولكن اصبر على ذلك منهما، واحتسب في الأجر صبرك عليه منهما، كما صبرا عليك في صغرك. قاله ابن جرير الطبري.
وقال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه، ويا أمّاه من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء وقال بن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني