الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجددي التوبة, وواظبي عليها مهما تكرر الذنب, ف: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ {البقرة:222} ولا تيأسي فإن الله يناديك في عباده: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} وما دام فيك نفس فالله يريد منك أن ترجعي وتتوبي إليه، وتكرار الذنب والتوبة ليسا مانعًا من قبولها كما قررناه في الفتوى: 130048.
وأما دعاؤك في السجود بالثبات على الصلاة فمن خير ما تصنعين, فقد قال النّبيّ الأمين صَلَى اللّه عليه وسَلّم: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ. رواه مسلم، وإذا أبطأت عنك الإجابة فلا تتركي الدعاء, وانظري في ضوابط الدعاء المستجاب الفتوى رقم: 120715.
وإذا كنت حقًّا تخافين على نفسك كثيرًا ـ كما تقولين ـ فكيف سولت لك نفسك ترك الصلاة وهي عماد الدين وركنه المتين, وقد قال سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم, وهو يبين الفارق بين المسلم والكافر: إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمِ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ. رواه النسائي والترمذي, وصححه الألباني، ولذلك فأعمالك الصالحة التي تذكرين قد يحبطها ترك الصلاة, خاصة إذا فاجأك الموت وأنت على ذلك, فقد قال النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائر عمله, وإن فسدت فسد سائر عمله. رواه الطبراني في الأوسط, وصححه الألباني, وانظري في أهمية الصلاة الفتوى: 29006, وفي خطورة تركها الفتوى: 6061.
وفي الواقع ليس في الصلاة من مشقة, ولا في الدين من حرج, وإنما تثقل بأوهام نفسية ووساوس إبليسية ومخالفات شرعية, فتوبي إلى الله من كل ما يكره سبحانه, واستعيني به على طاعته, كما علمنا سبحانه في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {الفاتحة:5}, ومما ينفع في هذا المقام الدعاء بوصية النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم لمعاذ ـ رضي الله عنه ـ حين قال: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ. رواه أحمد وأبو داود, وصححه الألباني، فإذا أعانك الله على الصلاة هانت عليك.
وأما الدعاء بالثبات: فمن أحسن ذلك دعاء ثبات القلوب, فقد روى الترمذي - وحسنه - عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ: يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ, ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ.
وجاهدي نفسك على الخشوع والمواظبة على الصلاة مهما ثقلت عليك, فإن اللذة تأتي بعد المجاهدة, وقد قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}
أما علاج الوساوس القهرية: فهناك بضع نصائح نافعة لحالك تابعيها مع الفتوى: 51601.
ومن المواقع الماتعة لاستماع الخطب والدروس والمواعظ النافعة (طريق الإسلام) في الإنترنت, فتخيري الشيخ الذي ترين لكلامه وقعًا أكبر في قلبك, ثم تخيري من دروسه ما يصلح الله به حالك.
والله أعلم.