الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس تأتيني في الصلاة وعند قراءة القرآن فكيف أصرفها عني؟

السؤال

في الآونة الأخيرة عندما أصلي، أو أقرأ القرآن تأتي في ذهني أشياء لا علاقة لها بالصلاة ولا بالقرآن، ولا أجد ما أفعله فأستغفر الله لكي يطردها من ذهني، ولا أعلم لماذا تراودني في وقت الصلاة فقط هذه التفاهات؟ واللهِ أني قلقة جدًّا من هذا الأمر، فادعوا لي بالثبات - بارك الله فيكم -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله تعالى لك الثبات والاستقامة على طريق الخير, وأن يوفقك لكل خير, ثم ننبهك إلى أن ما تشعرين به من هواجس وخواطر أثناء تلاوة القرآن، أو الصلاة, لا مؤاخذة فيها, ولا تأثمين بها إذا قمت بصرفها وإنكارها, ولم تستمري عليها, ومعالجتُها تكون بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى, والاستعاذة به من كيد الشيطان الرجيم، جاء في كتاب الأذكار للنووي: فأما الخواطر، وحديث النفس، إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل.

قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر، قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة، أو كفرًا، أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطر من غير تعمد لتحصيله، ثم صرفه في الحال فليس بكافر، ولا شيء عليه. انتهى.

وهذه الهواجس والخواطر لا تبطل الصلاة, جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين: سئل فضيلة الشيخ - وفقه الله تعالى -: إذا غلبت الهواجس على المصلي فما حكم صلاته؟ وما طريق الخلاص منه؟ فأجاب فضيلته بقوله: الحكم في هذه الحالة أن الإنسان إذا غلب على صلاته الهواجس في أمور الدنيا، أو في أمور الدين، كمن كان طالب علم وصار ينشغل إذا دخل في الصلاة بالتدبر في مسائل العلم، إذا غلب هذا على أكثر الصلاة، فإن أكثر أهل العلم يرون أن الصلاة صحيحة، وأنها لا تبطل بهذه الوساوس لكنها ناقصة جدًّا, فقد ينصرف الإنسان من صلاته، ولم يكتب له إلا نصفها، أو ربعها، أو عشرها، أو أقل، أما ذمته فتبرأ بذلك ولو كثر، لكن ينبغي للإنسان أن يكون حاضر القلب في صلاته؛ لأن ذلك هو الخشوع، والخشوع هو لب الصلاة وروحها, ودواء ذلك أن يفعل الإنسان ما أمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يتفل عن يساره ثلاثًا، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك أذهبه الله، وإذا كان مأمومًا في الصف، فإن التفل لا يمكنه؛ لأن الناس عن يساره، ولكن يقتصر على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك وكرره أذهب الله ذلك عنه. والله الموفق. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني