السؤال
يقول بعض التابعين: إنا نجد في كتاب الله المنزل أنَّ ابن الزبير فارس الخلفاء، وهو نوف البكالي، فما وجه هذا الكلام؟ وأين هذا في كتاب الله؟ وجزاكم الله خيرا.
يقول بعض التابعين: إنا نجد في كتاب الله المنزل أنَّ ابن الزبير فارس الخلفاء، وهو نوف البكالي، فما وجه هذا الكلام؟ وأين هذا في كتاب الله؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالأثر المذكور عن نوف البكالي ـ وهو مستور من كبار التابعين ـ رواه عنه ابن سعد في الطبقات وغيرُه, وذكره الذهبي في السير وتاريخ الإسلام، وابن كثير في البداية والنهاية وغيرهما, قال ابن كثير في البداية والنهاية: وقال محمد بن سعد: أنبأ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أبو عمران الجوني: أن نوفا كَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسُ الْخُلَفَاءِ. اهــ.
والذي يظهر لنا أنه لم يعن بقوله: كتاب الله المنزل ـ القرآن، بل أحد الكتب السابقة، لأن نوفا كان من العلماء العارفين بها المكثرين من النقل عنها, فهو ابن امرأة كعب الأحبار، وقد قال عنه الحافظ في الفتح: تَابِعِيّ مِنْ أَهْل دِمَشْق فَاضِل عَالِم لَا سِيَّمَا بِالْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَكَانَ اِبْن اِمْرَأَة كَعْب الْأَحْبَار... اهــ.
وقد كان يستعمل هذا اللفظ: لأجد في كتاب الله ـ ويعني به الكتب السابقة وليس القرآن، ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسيره، حيث قال:.... عَنْ نَوْف ـ وَهُوَ الْبِكَالِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْكُتُبَ ـ قَالَ: إِنِّي لَأَجِدُ صِفَةَ نَاسٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ: قَوم يَحْتَالُونَ عَلَى الدُّنْيَا بِالدِّينِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أمَرّ مِنَ الصّبرِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسوك الضَّأْنِ، وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: فَعَليَّ يَجْتَرِئُونَ! وَبِي يغتَرون! حَلَفْتُ بِنَفْسِي لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ، قَالَ الْقُرَظِيُّ: تَدَبَّرْتُهَا فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا هُمُ الْمُنَافِقُونَ، فَوَجَدْتُهَا: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ـ الْآيَةَ. اهـ.
فظهر بهذا أنه يعني الكتب السابقة وليس القرآن.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني