السؤال
لقد تم عقد نكاحي منذ عامين، وتم بخير - والحمد لله - ولكن كثرت المشاكل بعدها؛ مما أدى إلى خصام بيني وبين زوجي في بعض الأحيان, وقد أعانته عائلتي بمبلغ مادي، وبعد أن أكرمه الله تعالى بعمل يريد أن يطلقني، والسبب راجع إلى كونه لم يعد يحبني, وإلى الخلافات الماضية، وقد طلبت منه أن يسامحني على ما بدر مني أنا وعائلتي، ولا نريد الطلاق, فأرجو منكم أن تفتوني في أمري: هل أصبر وأدعو الله أن يصلح حاله ويرده إليّ ردًّا جميلًا؟ أم أوافق على الطلاق؟ علمًا بأنه اتخذ قرارًا لا رجعة فيه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحياة الزوجية قلّما تخلو من المشاكل والزلات التي يمكن أن تقع من أي من الزوجين، وينبغي التغاضي عن هذه الزلات, والحرص على معالجة ما قد يطرأ من مشاكل بحكمة وروية، والأولى بالزوج أن يقبل زوجته إذا جاءته معتذرة؛ فقبول الأعذار من شيم الكرام، كما أسلفنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 94061.
ويتأكد هذا الخلق الكريم في حق الزوجين.
وأما الطلاق: فلا ينبغي المصير إليه لأدنى سبب, ومن غير أن تكون مصلحته راجحة، ومن هنا كره الفقهاء الطلاق لغير سبب، وذهب بعضهم إلى القول بحرمته، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 202096.
ولا ينبغي أيضًا أن يكون مجرد عدم الحب دافًعا إلى الطلاق، فليس على الحب وحده تبنى البيوت، كما قال عمر ـ رضي الله عنه ـ إذ إن في الزواج كثيرًا من المصالح التي يمكن تحقيقها، هذا بالإضافة إلى أن الحب يمكن أن يوجد بعد عدمه, وانظري الفتوى رقم: 169775.
والخلافات مع أهل الزوجة يمكن حلها، بل وينبغي حلها، فقد أصبحت بينهم المصاهرة التي تقتضي احترام كل طرف للآخر، وراجعي الفتوى رقم: 113799.
فنوصيك بالصبر والاجتهاد في الدعاء أن يصلح الله زوجك, ولا تيأسي؛ فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، واحرصي على حسن المعاملة معه, والتزين والتبعل له، فذلك من أسباب كسب المودة ودوام العشرة، ولا بأس بأن تستعيني ببعض الصالحين وذوي الحكمة لإقناعه بصرف النظر عن أمر الطلاق، ولو قدر أن أصر على طلاقك وطلقك فلا تندمي فقد يكون في ذلك خير لك، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
قال الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: وفي قوله: يغن الله كلاَ من سعته ـ إشارة إلى أنّ الفراق قد يكون خيراً لهما؛ لأنّ الفراق خير من سوء المعاشرة، ومعنى إغناء الله كلاًّ: إغناؤه عن الآخر، وفي الآية إشارة إلى أنّ إغناء الله كلاّ إنّما يكون عن الفراق المسبوق بالسعي في الصلح. اهـ.
والله أعلم.