الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هبة نصف المنزل للزوجة الثانية

السؤال

هل يجوز لأبي أن يسجل نصف منزله باسم زوجته الثانية, ويطالبنا بأن يعطينا عشر قيمة حصتنا ـ إن شاء الله ـ من حصصنا، ويقول إنه يعطينا هذا المال ليرضينا, وبالتالي يذهب المنزل بقيمته الفعلية ويسجل باسم زوجته الثانية وأبنائه منها، ونحرم نحن من إرثنا؟ وهل تصح هذه الهبة شرعًا لزوجته؟ أرجو منكم الإجابة في أسرع وقت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن كان أبوك يريد أن يقوم بالتسجيل المذكور على أن يؤخذ بعد مماته، فهذه وصية لوارث، وهي دائرة بين الكراهة والتحريم عند الفقهاء, قال في كشاف القناع: وَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ... اهـ.

وفي كلا الحالين لا تنفذ بعد وفاة والدك, ولا يصير البيت لها إلا إذا رضي الورثة بذلك, ومن لم يرضَ بإمضاء الوصية أخذ نصيبه الشرعي من البيت, ولم تكن الوصية ملزمة في حقه، وانظر التفصيل عن الوصية للوارث وأقوال الفقهاء فيها في الفتويين رقم: 121878، ورقم: 170967.

وأما إن كان يريد أن يسجله على أن يؤخذ في حياته وليس بعد مماته، فهذه هبة، فإذا تمت بشروطها من الاستلام والقبول بأن استلمت الزوجة البيت, وصارت تتصرف فيه تصرف الواهب, وأخلى متاعه من البيت، فإن الهبة تمضي ويصير البيت لها، وقال بعض الفقهاء لا يجوز أن يهب البيت الذي يسكنه لزوجته التي تسكن معه فيه, جاء في الموسوعة الفقهية: وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَهَبَ الزَّوْجُ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ؛ لأِنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُل لاَ لِلْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَبَعٌ لِزَوْجِهَا, وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ خُلُوِّ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِهَا وَاسْتَمَرَّتْ فِيهَا فَإِنَّ الْهِبَةَ لاَ تَصِحُّ. اهـ.

وكذا لا يجوز أن يكتبه باسم أولاده من إحدى زوجتيه على أنه هبة لهم دون أولاده الآخرين؛ لأن الأب مطالب شرعًا بالعدل بين أولاده في العطية، ولا يجوز له أن يهب بعضهم ويحرم الآخرين من غير مسوغ شرعي، كما فصلناه في الفتويين رقم: 101286، ورقم: 103527.

وعلى كل، فإذا وجد خلاف بينكم وبين أبيكم فينبغي لكم مشافهة أهل العلم بما اختلفتم فيه حتى يسمعوا من كلا الطرفين, ويدلوكم على ما يتحقق به العدل, وانظر الفتوى رقم: 114780، عن حكم هبة الزوج بيته لإحدى زوجاته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني