السؤال
أغتسل في الحمام حيث مكان قضاء الحاجة، ودائما قبل الاغتسال أستحم، وأزيل الأوساخ، وأغسل رأسي وجسدي بالصابون، وأنظف جسدي تماما. ثم أنوي الاغتسال، وأقول بسم الله، وأبدأ بالوضوء، وأترك ساقي، ثم أغتسل من الرأس إلى الشق الأيمن إلى الشق الأيسر 3 مرات، في كل مرة أصب الماء على القبل والدبر الكثير من المرات حتى يصل الماء لكل مكان فيها بكثرة بدون دلك؛ لأني أكون نظفتهما تماما أثناء الاستحمام من قبل، وعدم مسي لهما ناتج عن وساوس، وأختم بغسل الأرجل 3 مرات، ثم أصب الماء فوق رأسي ليشمل جسدي.
هل غسلي صحيح؟
واليوم قرأت في موقعكم أنه لا يجوز إدخال اليد في الإناء الذي فيه قليل من الماء أثناء الوضوء.
المشكلة أني حين أتوضأ قبل الاغتسال، عندي إناء صغير أغرف به من الإناء الكبير، فحين أبدأ الوضوء بغسل اليد 3 مرات، لا أستطيع الصب على يدي، فأدخل يدي اليمني لأغرف، وأغسلها 3 مرات، ثم أملأ الإناء الصغير وأغرف لأغسل اليسرى 3 مرات، ثم أملؤه وأصب للفم والأنف، والوجه ثم أملؤه، وأعود لأغرف مجددا لغسل اليدين إلى المرفقين، بمعنى أغرف وأصب، وأغرف مجددا وفي كل مرة أملؤ الإناء الصغير من الكبير بغرف الصغير في الكبير، وليس بصب الماء من الكبير في الصغير.
هل هذا الأمر جائز وماذا أفعل في كل ما مضى إن كان غير جائز؟
شيخي العزيز لا تحلني إلى فتاوى أخرى، فأنا موسوس، وأجاهد الوساوس بنصائح موقعكم، وأريد جوابا خاصا بي.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه من وساوس وشكوك, ثم إن الظاهر من سؤالك أنك تغتسل الغسل الكامل. وللفائدة نسوق صفة الغسل الكامل والمجزئ حيث قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: قال أصحابنا: كمال غسل الجنابة أن يبدأ المغتسل فيغسل كفيه ثلاثا قبل إدخالهما في الإناء، ثم يغسل ما على فرجه وسائر بدنه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بكماله، ثم يدخل أصابعه كلها في الماء فيغرف غرفة يخلل بها أصول شعره من رأسه ولحيته، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات ويتعاهد معاطف بدنه كالإبطين، وداخل الأذنين، والسرة، وما بين الأليتين، وأصابع الرجلين، وعكن البطن وغير ذلك فيوصل الماء إلى جميع ذلك، ثم يفيض على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر جسده ثلاث مرات. يدلك في كل مرة ما تصل إليه يداه من بدنه. وإن كان يغتسل في نهر أو بركة انغمس فيها ثلاث مرات، ويوصل الماء إلى جميع بشرته، والشعور الكثيفة والخفيفة ويعم بالغسل ظاهر الشعر وباطنه، وأصول منابته. والمستحب أن يبدأ بميامنه، وأعالي بدنه. وأن يكون مستقبل القبلة، وأن يقول بعد الفراغ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وينوي الغسل من أول شروعه فيما ذكرناه ويستصحب النية إلى أن يفرغ من غسله. فهذا كمال الغسل . والواجب من هذا كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء، وتعميم البدن شعره وبشره بالماء. ومن شرطه أن يكون البدن طاهرا من النجاسة. وما زاد على هذا مما ذكرناه، سنة . فهذا مختصر ما يتعلق بصفة الغسل، وأحاديث الباب تدل على معظم ما ذكرناه، وما بقي فله دلائل مشهورة. والله أعلم. انتهى.
وبخصوص الاغتراف من الإناء بيدك لغسلها, والاغتراف بالإناء الصغير من الكبير، فهذا كله جائز ولا يصير به الماء مستعملا, وبالتالي فتصح الطهارة به.
جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وقد تنازع الفقهاء الذين يقولون بأن الماء المتطهر به يصير مستعملا إذا غمس الجنب يده فيه: هل يصير مستعملا؟ على قولين مشهورين. وهو نظير غمس المتوضئ يده بعد غسل وجهه عند من يوجب الترتيب كالشافعي، وأحمد. والصحيح عندهم: الفرق به بين أن ينوي الغسل أو لا ينويه؛ فإن نوى مجرد الغسل صار مستعملا، وإن نوى مجرد الاغتراف لم يصر مستعملا، وإن أطلق لم يصر مستعملا على الصحيح. وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اغترف من الإناء بعد غسل وجهه. كما ثبت عنه أنه اغترف منه في الجنابة، ولم يحرج على المسلمين في هذا الموضع، بل قد علمنا يقينا أن أكثر توضؤ المسلمين واغتسالهم على عهده كان من الآنية الصغار، وأنهم كانوا يغمسون أيديهم في الوضوء والغسل جميعا، فمن جعل الماء مستعملا بذلك فقد ضيق ما وسعه الله. انتهى.
وقال الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته: ولا يصير الماء اليسير مستعملاً إذا اغترف منه المتوضئ عند غسل يديه؛ لأن المغترف لم يقصد بغمس يده إلا الاغتراف دون غسلها؛ ولأن النبي عليه السلام فيما رواه سعيد عن عثمان اغترف من إناء: «ثم غرف بيده اليمنى، فصب على ذراعه اليمنى، فغسلها إلى المرفقين ثلاثاً». انتهى.
ولمعرفة حكم دلك الأعضاء في الغسل راجع الفتوى رقم: 10537.
وعلى كل حال فغسلك مجزئ, وننصحك بالإعراض عن الوساوس, وعدم الالتفات إليها, فإن ذلك هو أنفع علاج لها .
والله أعلم.