السؤال
أريد أن أسأل عن حكم قول شخص لآخر: أحسنت، ممتاز، رائع ـ أقصد أن ينسب الفضل إلى نفسه، فهل هذا الكلام يدخل في نسبة الفضل لغير الله سبحانه وتعالى؟ لأنني أعاني من وساوس.
وأيضا لدي الكثير من الجروح بعضها في أعضاء الوضوء وأحيانا يتكون عليها دم وتصعب علي إزالته وأتألم أثناء إزالته وتخرج دماء أكثر، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا، وأنا فرح جدا بأن الله يسر لي التواصل معكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك ويصرف عنك الوساوس ويهديك لأرشد أمرك، وإياك والاسترسال مع هذه الوساوس والاستسلام لها، فقد بينا مرارا وتكرارا أن خير علاج للوساوس هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظر الفتويين رقم: 51601 ورقم: 134196.
وأما ما سألت عنه من مدح الإنسان لشخص ما: فليس فيه نسبة الفضل إلى غير الله تعالى، كيف وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم عددا من أصحابه، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ {البقرة: 255} قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح مسلم: وَفِيهِ تَبْجِيلُ الْعَالِمِ فُضَلَاءَ أَصْحَابِهِ وَتَكْنِيَتُهُمْ وَجَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ إِعْجَابٌ وَنَحْوُهُ لِكَمَالِ نَفْسِهِ وَرُسُوخِهِ فِي التَّقْوَى. انتهى.
وأما ما تعاني منه من جروح وما يتكون عليها من دم ونحوه: فإن كنت تقصد بذلك القشرة التي تتكون على الجرح، فإنها من الجسم ولست مطالبا بإزالتها، فإن كان عليها دم فاغسله إن أمكن ذلك ولم تتضرر، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وإذا كان هناك مانع يمنع وصول الماء لم يصدق عليه أنه غسل العضو، لكن شيخ الإسلام رحمه الله قال: إن الشيء اليسير يعفى عنه لا سيما فيمن ابتلي به، وهذا ينطبق على العمال الذين يستعملون البوية فإنه كثيرا ما يكون فيه النقطة أوالنقطتان إما أن ينسوها، أو لا يجدون ما يزيلونها به في الحال، فعلى رأي شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ يعفى عن هذا، ولكن ينبغي أن نأخذ بالحديث وهو ما روى مسلم عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ، فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى ـ وأنه لا يعفى عن الشيء ولو كان يسيرا، فهو إن أمكنه أن يزيله قبل أن يخرج وقت الصلاة أزاله، وإلا مسح عليه وصار كالجبيرة. انتهى.
وأما إن كان مقصودك غسل الجرح نفسه وما فيه من دم وغيره قبل يبسه: فيجب غسل جميع العضو حتى موضع الجرح النازف ما لم يكن في ذلك ضرر، ولو خرج الدم بعد غسل العضو فلا يؤثر ولا ينقض الوضوء على الصحيح من أقوال أهل العلم، قال الحسن: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم.
وعن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع فرمي رجل بسهم فنزفه الدم وسجد ومضى لصلاته.
وعصر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بثرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ.
والله أعلم.