السؤال
أعيش مع قريباتي وهن من محارمي, ولكنني لا أرى النظافة تهمن أبداً، فهن أحيانا يدخلن الطعام إلى بيت الخلاء أو يخبئنه بين ملابسهن ويستيقظن ولا يغسلن أيديهن، وقد يلمسن شيئاً من أجسامهن ـ المناطق الحساسة ـ سواء من أمام أو من الخلف، ولا يغسلن أيديهن، حتى إن الكبيرة منهنّ تضع أمام الشباب الحفاظة ولا تغسل بعدها يدها، ويحضرن لنا الطعام ويخبزن الخبز، وكل هذا بأيديهن، فهل يجوز الأكل من طعامهنّ؟ وإذا لم يجز ـ وأنا أصلاً أستقذر طعامهنّ ـ فأين أذهب للأكل؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام قد اعتنى بالنظافة، وقد بينا بعض أوجه تلك العناية في الفتويين رقم: 32585، ورقم: 24921.
ومن ذلك: غسل اليدين قبل الطعام وبعده، جاء في المغني لابن قدامة: فصل في آداب الطعام: يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده، وإن كان على وضوء، قال المروذي: رأيت أبا عبد الله يغسل يديه قبل الطعام وبعده وإن كان على وضوء، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحب أن يكثر خير بيته، فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع ـ رواه ابن ماجه وروى أبو بكر، بإسناده عن الحسن بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينفي اللمم ـ يعني به غسل اليدين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نام وفي يده ريح غمر، فأصابه شيء، فلا يلومن إلا نفسه ـ رواه أبو داود، ولا بأس بترك الوضوء، لما روى أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الغائط فأتي بطعام، فقال رجل: يا رسول الله، ألا آتيك بوضوء؟ قال: لا أريد الصلاة ـ رواه ابن ماجه، وعن جابر قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من شعب الجبل، وقد قضى حاجته، وبين أيدينا تمر على ترس أو جحفة، فدعوناه فأكل معنا، وما مس ماء ـ رواه أبو داود. اهـ.
فينبغي لك أن ترشد أقاربك إلى العناية بالنظافة، وأنها مما جاء به الشرع الحنيف، وأما أكل طعامهم فالأصل أنه جائز ما لم تتيقن وجود النجاسة فيه، وعدم عناية أهلك بالنظافة لا يوجب تحريم طعامهم، فإن الأصل في الأشياء كلها الطهارة وعدم النجاسة، قال ابن تيمية: الفقهاء كلهم اتفقوا على أن الأصل في الأعيان الطهارة. اهـ.
وتقذرك للطعام لا يقتضي حرمة الأكل منه، فننصحك بالإعراض عن هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها.
والله أعلم.